جدول المحتويات
هل الرسول بدوي، فقد بعث الله سبحانه وتعالى العديد من الأنبياء والرسل لينذروا الأقوام من خلال الدعوة إلى عبادة الله الواحد القهار، وقد يسأل سائل عن أصل الأنبياء المرسلين، حيث هناك الكثير من لا يعلم شيئًا عن هذا، وفي المقال الإتي سنعرف هل الرسول بدوي.
هل الرسول بدوي
لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بدويًا، بل كان من أعظم حاضرةٍ من حواضر العرب يومها، في مكة المكرمة، خير بقاع الأرض، وأحب أرض الله إلى الله عز وجل، حيث سماها القرآن الكريم أم القرى، وذلك لعظيم مكانتها في شبه الجزيرة العربية، بل في الأرض كلها، قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا”. [1]
وقد أورثت هذه المكانة الجليلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه من الإكبار والإجلال والتقدير ما يبلغ الغاية والكمال، وأما وَصفُهُ صلى الله عليه وسلم بما لا يليق به ، أو لَمْزُهُ بسيء الألفاظ والمعاني، أو حكايةُ ما فيه تنقيصٌ لقدره فهو من الكذب الفج القبيح، والكفر الصريح، لِما فيه من تزويرٍ للحقيقة وتعدٍّ على خير الخلائق، ولا يقع في ذلك إلا مَن لا يَعرف الأدبَ ولا الخلقَ ولا الإيمان، ولا شك أن إطلاق لفظ البداوة، أو وصفه صلى الله عليه وسلم بـالبدوي، هو من التنقص الصريح والعيب الواض ، فإن البداوة وصفُ ذمٍّ وتنقيص، يُقصَد به الوسمُ بالجهل والرعونة والجفاء. [2]
شاهد أيضًا: ما هو تاريخ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم
بعد معرفة هل الرسول بدوي، علينا أن نعرف صفاته صلى الله عليه وسلم، من خلال ما يأتي: [3]
- لونُ بشرته صلى الله عليه وسلم أبيض مشرب بحُمرة، ليس بنَحيل ولا سمين، أحسن الناس قوامًا، وأحسنهم وجهًا، وأحسنهم لونًا، وأطيبهم ريحًا، وأقواهم حواسَّ، ليس بالطويل البائن ولا بالقَصير، وكان إلى الطُّول أقرب، لم يماشِ أحدًا من الناس إلا طاله، إذا جلس يكون كتِفه أعلى من الجالس، طوله وعرضه متناسبان على أتمِّ صِفة.
- ضخم الرأس، كثير الشَّعر، كان شعره يصِل إلى أنصاف أُذنيه إذا قصره، وإذا غفل عن تقصيره وطال زمَنُ إرساله وصَل إلى منكبه، شعره ليس بالمنبسط المسترسل ولا بالمتكسر؛ بل بينهما، أحيانًا يرسله على جبهته، وأحيانًا أخرى يفرِّقه في وسط رأسه، ولا يترك منه شيئًا على جبهته.
- جبينه واسِع أملَس جلي، إذا طلع من بين شعره أو عند الليل أو طلع بوجهه على الناس، تراءى كأنَّه السِّراج المتوقد يتلألأ.
- حاجباه دقيقان طويلان ممتدَّان إلى آخر العينين، متقوسان ومتصلان اتِّصالًا خفيفًا لا يُرى لأحد إلَّا إذا دقَّق النظر فيهما، بين حاجبيه عرق يحرِّكه ويظهره الغضب، فكان إذا غضب امتلأ ذلك العِرق دمًا، فيظهر ويرتفِع، وكان لا يَغضب إلا لله.
- عيناه واسِعتان، شديد بياضهما، شديد سوادهما، لا يَغيب مِن سوادهما شيء، مشربتان بحُمرة من عروق حمر رقاق كانت في بياضهما، طويل شعر أجفانهما، كأنَّه أكحل العينين وليس بأكحل.
- أنفه معتدِلة حسَنة الطول، دقيقة الأرنبة، مرتفعة الوسَط، لها نور يَعلوها.
- خدَّاه أصلبان، قليل لحمهما، رقيق جلدهما، ليس فيهما نتوء أو ارتفاع.
- واسِع الفَم، رقيق الشفتين، أسنانه برَّاقة بيضاء، صافية محدَّدة، متباعدة ما بين الثنايا والرباعيات، إذا تكلَّم رُئي كالنُّور يخرج من بين ثناياه، لا يضحك إلَّا تبسُّمًا، ريقه طيبة عذبة فيها الشِّفاء والرواء، والغذاء والبركة والنماء.
- لحيته كثيرة الشَّعر، سوداء مستديرة، ما بين ذَقنه وشفته السفلى بارزٌ ومرتفع، تحت شفته السفلى شعر منقاد على شعر اللحية كأنَّه منها، لم يبلغ شعره الأبيض في رأسه ولحيته عشرين شعرة، أكثرها في لحيته ما بين ذقنه وشفته السُّفلى، أمَّا شعره الأبيض في رأسه، ففي مَكان مَفرق رأسه.
- وجهه مُستدير، شديد الحسن، ظاهر الوَضاءة والإشراق، يتلألأ كما يَتلألأ وجه القمر ليلة البدر، يؤنس كلَّ مَن شاهده، إذا سُرَّ برقت أساريرُ وجهه، وهي الخطوط التي تكون في الجبهة.
- تام الأذنين، طويل الرقبة، طويل العنق، فإن عنقه كالفضَّة في صفائها، إذا ظهر للشمس فكأنَّه إبريق فضَّة مشرب ذهبًا، وإذا ابتعد عن الشَّمس فكأنَّه القمر ليلة البدر.
- عريض الكتفين، بَعيد ما بين المنكبين مما يدلُّ على سعة الصدر والظهر، على منكبيه شعر كثير، عند كتفه الأيسر خاتَم النبوَّة، وهو قطعة لَحم مرتفعة تشبه جسمه عليها نقط حمراء، قدر بيضة الحمامة.
- عريض الصَّدر، بطنه مستوٍ مَع صدره، لم يكن منتفخ الخاصِرة ولا نحيلها، موصول من أسفل الحلق إلى السرَّة بشعر يجري كالخط، وليس على صدره وبطنه شعر سوى ذلك.
- إبْطاه بيض لا شَعر فيهما، ضخم الكفين، طويل الأصابع، طويل الذِّراعين عريضهما، عظام ساعديه وساقيه ممتدَّة ليس فيها نتوء، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، كفاه واسعتان ممتلئتان باللَّحم، أنعم من الحرير رغم ضخامتهما.
- ضخم القدمين ليِّنُهما، ليس فيهما تكسر ولا شقاق، غليظ الأصابع والراحة، سبَّابة قدمه أطول من سائر أصابعه، أسفل قدميه شديد التجافي عن الأرض، عقباه لحمهما قليل، قدماه تشبهان قدم سيدنا إبراهيم عليه السلام،
- عَرَقه أطيب ريحًا من المِسك الشديد الرائحة، إذا صافَحه أحد ظلَّ طَوالَ يومه يجد ريحَه، كان عرقه في وجهه مثل اللُّؤلؤ، ومع هذا كان يَستعمل الطِّيبَ في أكثر أوقاته مُبالغةً في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي ومجالسة المسلمين.
- في صوته بحة وحسنٌ وخشونة، إذا تكلَّم سما وعلاه البهاء، وإن صمَت فعليه الوقار، كلامه وسَطٌ ليس بالقليل ولا بالكثير.
- إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل وراءه فلا يدركه، فيه ميل للأمام إذا مشى كأنما ينزل من انحدار، إذا التفَتَ التفَت بجسمه كلِّه.
- أفصح العرب لسانًا، وأوضحهم بيانًا، وأعذبهم نطقًا، وأشدُّهم لفظًا، وأبْينُهم لهجة، وأقومهم حُجة، وأعرَفُهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طريق الصواب، من رآه هابه، ومن خالطه أحبَّه،
- يخاطب العربَ على اختلاف شعوبهم وقبائلهم، يخاطب كلًّا منهم بما يفهمون، ويحادثهم بما يعلمون.
- أوضح خلق الله إذا لفَظ، وأنصحهم إذا وعظ، لا يقول فحشًا، ولا ينطق هذرًا، كلامه كلُّه يثمر علمًا وحكمة، لا يتفوَّه بشرٌ بكلام أحكَمَ منه في مقالته، ولا أجزل منه في عذوبته، أحكمُ الخلقِ تبيانًا، وأفصحهم لسانًا، وأوضحهم بيانًا، ما ولدت العربُ فيما مضى ولا تلد فيما بقي أفصحَ منه.
شاهد أيضًا: كم مكث الرسول في غار ثور
اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم
اجتمعت في النبي مكارم الأخلاق، والصفات الحميدة، ومن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، ما ياتي: [4]
- كرم النبي عليه الصلاة والسلام، حيث كان الكرم لونًا جديدًا لم يعرفه العرب، ولم يألفه غيرهم، فلم يكن كرمه لكسب َمحمَدة أو اتقاء منقصة، ولم يكن للمباهاة أو الاستقلال، أو لاجتلاب المادحين، بل كان في سبيل الله وابتغاء مرضاته، كان في حماية الدين، وفي مؤازرة الدعوة، فما سئل عن شيء قط إلا أعطاه، وكان يستحى أن يرد سائله خالي اليدين.
- صدق النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صادق مع ربه، ومع نفسه، ومع الناس، ومع أهله، كما أنه صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلًا لكان محمدًا صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق الأمين في الجاهلية والإسلام.
- صبر رسول الله، فقد كان صلى الله عليه وسلم أصبر الناس على الأذى، وكان حظه من البلاء هو النصيب الأوفر، فقد قضى ثلاثاً وعشرين سنة، يدعوا إلى التوحيد الخالص عبدة الأوثان واليهود والنصارى، دعوة قوية لا يخفت صوتها، ولا ينقطع صداها، فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه، حيث كان يصبر الصبر الجميل.
- العدل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الناس، فقد استقى عدله من التربية الإلهية، والأخلاق القرآنية، فكانت فطرته السليمة مهيأة للعدل منذ شبابه، وهو القاضي الأول الذي يطمئن المسلمون إلى أحكامه، ويقتدون بها.
- العفو، وما أعظم عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن الأعداء، فقد مثل عفو الإسلام خير تمثيل، وأفهم الجميع أن الإسلام جاء يريد الخير للجميع، لأوليائه وأعدائه جميعًا، وليس دينًا يحقد على أحد.
- الرحمة، حيث كانت رحمته صلى الله عليه وسلم رحمة عجيبة، فقد شملت الرجال والنساء، الأقوياء والضعفاء، الأصحاء والمرضى الأغنياء والفقراء، الخدم والرقيق، الإنسان والحيوان، اليهود والنصارى، حتى أنها شملت قوما خالفوا منهجه، وأنكروا الرسالة، ورفضوا النبوة.
- الحلم، لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الحلم، لأن الله سبحانه وتعالى أدبه فأحسن تأديبه، فكان القدوة في سعة الصدر وسماحة النفس التي تليق بمكانته ورسالته.
- تواضع النبي عليه الصلاة والسلام، ومن أبرز مظاهر تواضعه، ما نجده في تعامله مع الضعاف من الناس وأصحاب الحاجات؛ كالنساء، والصبيان، فلم يكن يرى عيبًا في نفسه أن يمشي مع العبد، والأرملة، والمسكين، يواسيهم ويساعدهم في قضاء حوائجهم.
شاهد أيضًا: ما هو اللقب الذي أطلقه أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
وفي ختام هذا المقال نكون قد بيّنا لكم هل الرسول بدوي، فلم يكن عليه الصلاة والسلام بدويًا، بل كان من أعظم حواضر الأرض في مكة المكرمة، كما بيّنا صفات الرسول وأخلاقه الحميدة.