علامات تدل على ليلة القدر من المباحث المهمة التي تشغل الكثير من المسلمين مع دخول العشر الأواخر من رمضان ورغبة كل مسلم في تحري هذه الليلة المباركة والفوز فيها بالمغفرة والثواب العظيم لمن اجتهد وقام فيها، وفي نتعرف على علامات تشير إلى ليلة القدر، ونتعرف كذلك على فضل تلك الليلة العظيمة، وأفضل دعاء يمكن للمسلم الإكثار منه فيها.
علامات تدل على ليلة القدر
هناك عدد من العلامات التي بينها العلماء في كتبهم والتي تشير إلى ليلة القدر، ومن هذه العلامات ما يلي:
- صفاء الجو واعتدال المناخ في تلك الليلة بحث لا يكون الجو حار في الصيف ولا بارد في الشتاء إنما يتميز بالاعتدال.
- شروق الشمس في اليوم التالي من ليلة القدر وهي بيضاء لا شعاع لها وهي من أبرز العلامات التي يحرص الكثير من المسلمين على تحريها.
- الهدوء النفسي والسكينة والشعور بالطمأنينة التي يشعر بها المسلم في تلك الليلة والتي تحدث بسبب كثرة تنزل الملائكة وفيهم جبريل الروح الأمين وطوافهم على أهل الأرض.
علامات ليلة القدر الصحيحة
هناك عدد من الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في كتب السنة والتي منها يمكن التعرف على علامات ليلة القدر الصحيحة، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنَّ أَمارةَ ليلةِ القدرِ أنَّها صافيةٌ بلِجةٌ كأنَّ فيها قمَرًا ساطِعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ، ولا يحلُّ لكوكبٍ أن يرمى بهِ فيها حتَّى يصبِحَ، وإنَّ من أمارتَها أنَّ الشَّمسَ صبيحتَها تخرجُ مستويةً ليسَ لَها شعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ، ولا يحلُّ للشَّيطانِ أن يخرجَ معَها يومَئذٍ”.[1]
- حديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها : “ليلة طلقة: لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة”.[2]
- حديث “سَمِعْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ يقولُ: وَقِيلَ له إنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ يقولُ: مَن قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فَقالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ ما يَسْتَثْنِي، وَوَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا”.[3]
علامات ليلة القدر غير الصحيحة
انتشر بين الناس بعض العلامات عن ليلة القدر ولكنها علامات غير صحيحة ولا دليل عليها لا من كتاب ولا من سنة،و من هذه العلامات غير الصحيحة ما يلي:
- عدم سماع نباح الكلاب أو نهقت الحمير في تلك الليلة.
- سجود الشجر ونوم المباني وهدوء الدنيا في تلك الليلة.
شاهد أيضًا: لماذا نسأل الله العفو في دعاء ليلة القدر
لماذا سميت ليلة القدر بذلك الاسم
اجتهد العلماء في تبيين أسباب تسمية ليلة القدر بذلك الاسم، ومن أبرز ما أورده أهل العلم في هذا الشأن ما يلي:
- القدر وهو المكان العالية والشرف والمنزلة الكبيرة عند الله سبحانه وتعالى، فهي ليلة القدر ذات الشرف والمنزلة.
- هي الليلة التي نزل فيها كتاب ذو قدر وهو القرآن الكريم على رسول ذو قدر وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمة ذات قدر وهي أمة الإسلام والتوحيد الباقية إلى يوم الدين.
- تسمية ليلة القدر بذلك الاسم لأن من اجتهد فيها وأكثر من العبادة والطاعة يكون له منزلة وشرف ومكانة عند الله سبحانه وتعالى.
- القدر من الضيق وهو معنى في اللغة، ويرى بعض العلماء أنها ليلة القدر أي ليلة الضيق حيث تضيق الأرض بكثرة الملائكة التي تنزل إلى الأرض وتكون أكثر من عدد الحصى كما ورد في بعض الأحاديث النبوية الشريفة.
- ليلة القدر من التقدير حيث فيها يتم تقدير آجال العباد وأرزاقهم وما يقع من أمور في حياتهم، ويقدر فيها المطر والإحياء والإماتة في العام التالي لها.
دعاء ليلة القدر
المسلم في ليلة القدر يستحب له الإكثار من العبادة والقيام والصلاة طوال الليلة، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على تلك الليلة واغتنامها والاجتهاد فيها وفي العشر الأواخر كلها من رمضان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والمسلم إذا وافق تلك الليلة فمن المسنون له الإكثار من الدعاء فيها، وأفضل الدعاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: “يا رسولَ اللهِ، أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي”.[4]
فضل ليلة القدر
ليلة القدر من الليالي المباركة المشهودة، وهي أفضل ليالي العام ولها الكثير من الفضائل التي يمكن التعرف عليها فيما يلي:
- العمل الصالح في ليلة القدر من صلاة وقيام ودعاء وقراءة للقرآن وغيرها من صور الطاعات خير من العمل في أكثر من ألف شهر.
- إنها الليلة التي أنزل الله سبحانه وتعالى فيها القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
- هي ليلة تتنزل فيها الملائكة لتملأ الأرض وفيهم جبريل عليه السلام يمرون على المصلين والقائمين والمتعبدين، فيشعر المسلم بالسكينة والطمأنينة.
- قيام تلك الليلة إيمانًا بفضلها ومكانتها واحتساب الثواب من الله سبحانه وتعالى سبب لغفران ما تقدم من الذنوب والمعاصي.
شاهد أيضًا: دعاء الرسول في ليلة القدر ابن باز
الفائدة من معرفة علامات ليلة القدر
المسلم إذا تعرف على علامات ليلة القدر، فإنه حينئذ يمكنه تحري تلك العلامات والعمل على موافقة ليلة القدر ومن ثم الاجتهاد في العبادة والطاعة والقيام، فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما أنه يحصل على الأجر العظيم والثواب الكبير الذي يزيد عن ثواب العبادة في أكثر من ثلاث وثمانين سنة. وهنا وجب التنويه إلى أن عدد كبير من أهل العلم يرى أن ليلة القدر ليست ثابتة في كل عام، بل هي متنقلة في الليالي العشر الأواخر كلها، فهي في أعوام تكون في ليلة السابع والعشرين، وفي عام تكون في ليلة الحادي والعشرين أو ليلة الثالث والعشرين، ويرى طائفة من أهل العلم أن العلامات التي وردت في الأحاديث النبوية الشريفة عن كون ليلة بعينها هي ليلة القدر إنما تخص ذلك العام وليس الأعوام كلها.
أفضل الأعمال في ليلة القدر
تتنوع الأعمال التي يمكن للمسلم القيام بها في ليلة القدر، ومن صور الطاعات في تلك الليلة ما يلي:
- قراءة القرآن: وهي من أعظم العبادات وأجل القربات التي يمكن للمسلم شغل وقته بها في ليلة القدر، وكان كان السلف الصالح يقبلون على قراءة القرآن في رمضان ما يقبلون عليه في غيره من الشهور، وقراءة القرآن في ليلة والتدبر فيه من أعظم أسباب القبول عند الله سبحانه وتعالى.
- قيام الليل: صلاة القيام أو صلاة الليل سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم طوال العام وهي في رمضان وفي العشر الأواخر منه أكثر فضلًا، وصلاة القيام من علامات الصالحين والمؤمنين الصادقين، وهي أفضل صلاة بعد الفريضة، ويبدأ وقت صلاة القيام من بعد صلاة العشاء، وأفضل الأوقات لها في الثلث الأخير من الليل حيث يتنزل المولى سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، والأصل في صلاة القيام أن تكون منفردة، ولكن في رمضان يسن صلاتها جماعة في المسجد، وإن كان يمكن صلاتها في البيت أيضًا منفردًا.
- كثرة الذكر والدعاء: الإكثار من الذكر سبب في التخلص من الذنوب مهما عظمت، كما أنه سبب في القرب من الله سبحانه وتعالى ونيل شرف المعية، والمسلم في ليلة القدر يمكنه الإكثار من الذكر المطلق من تسبيح واستغفار وتحميد وتهليل، والدعاء هو أصل العبادة وأفضل الدعاء ما كان في جوف الليل الآخر.
- الاعتكاف: يسن للمسلم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان كلها، فإن لم يتيسر له الأمر فيمكنه الاعتكاف في الليالي الوتر منها، أو تحري ليلة القدر ولزوم المسجد فيها مع شغل وقته بالعبادة والتضرع إلى الله وقراءة القرآن وصلاة القيام.
من يرى ليلة القدر
ليلة القدر كما أسلفنا هي ليلة مثل باقي الليالي ولكنها فضلت بمزايا ونفحات وملائكة كرام يتنزلون في تلك الليلة يطوفون على أهل الأرض والمتعبدين، ومن ثم فإن رؤية ليلة القدر تكون من خلال التعرف على علاماتها وتحقق وقوعها أو الظن أنها هي ليلة القدر، وهو ما كان يتحراه الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين من بعدهم، أما الحديث عن أن هناك أشخاص يرون ليلة القدر بأمور محسوسة واضحة بالعين المجردة فهو ما لا يصح لا من كتاب ولا من سنة.
وبهذا نكون قد تعرفنا على علامات تدل على ليلة القدر، وتعرفنا على فضل ليلة القدر والعلامات الصحيحة الدالة عليها، كذلك العلامات غير الصحيحة التي لا أصل لها في الشرع، وتعرفنا على أهم الأعمال في تلك الليلة من صلاة وقيام وقراءة للقرآن واعتكاف.
المراجع
- ^
صحيح الجامع , الألباني، عبد الله بن عباس، 5475، صحيح - ^
صحيح ابن خزيمة , الألباني، عبد الله بن عباس، 2192، صحيح - ^
صحيح مسلم , مسلم، أبي بن كعب، 762، صحيح - ^
الإلمام بأحاديث الأحكام , ابن دقيق العيد، عائشة أم المؤمنين، 1/364، صحيح على طريقة بعض أهل الحديث