د. مؤمن مأمون ديرانية (أبو عبيدة الجراح)
استشاري الجراحة العامة والتنظيرية
الفتق هو بروز عضو أو جزء منه خارج موضعه الطبيعي في تجويف الجسم، معيّ (من الأمعاء) في أكثر الحالات. توجد عدة أنواع من الفتوق من حيث طبيعة الفتق وأصله.
وتحدث الفتوق عند الرجال والنساء وعند الكبار والصغار مع اختلافات حسب نوع الفتق. ويزيد احتمال الفتق مع تقدم العمر والسمنة والحمل ورفع الأوزان بطريقة غير صحية، ويظهر غالباً بشكل تدريجي لكنه قد يظهر فجأة.
هناك فتوق خلقية ولادية مثل فتوق المواليد السرّية والإربية، لكن أكثر الفتوق مكتسبة، تنكسية في فسيولوجيتها المرضيّة وآلية تشكّلها، وبعض الفتوق جراحية تتكوّن عقب شق جراحي في البطن.
وهناك فتوق خارجية تظهر على سطح جدار البطن، وفتوق داخلية مثل الفتق الحجابي، وهذه خارج نطاق هذا الحديث.
ويحصل الانفتاق في جدار البطن العضلي كما يحصل الانفتاق في الثوب المخيط، فيؤدي إلى ثغرة في جدار البطن العضلي، وإن بقي يغطيها الجلد ونسيج تحت الجلد الدهني. هذه الثغرة قد تبرز منها بعض حلقات الأمعاء أو محتويات البطن المتحركة الأخرى. ولا تظهر كل الفتوق كتلة محسوسة على سطح الجسم، ففي مراحلها المبكرة تكون فقط محسوسة كنبضة عند ارتفاع ضغط البطن كما في السعال، تحسها يد الجراح عند الفحص.
والفتوق في حالتها المزمنة قابلة للردّ (الدخول في البطن ثانية عند الاستلقاء والاسترخاء والمداولة) والمريض في كثير من الأحيان هو الأقدر على مداولة الفتق لإدخاله. يعامل الفتق معاملة الحالات المزمنة إلا في حالة حدوث مضاعفات حادّة، عندما يصبح الفتق متعسّر الردّ؛ لا يفلح التداول في إعادته إلى موضعه في البطن. وقد يصير فتقاً منحبساً، وهو الذي يتورم ويثبت في موضعه. وقد يؤدي وجود حلقة من الأمعاء في كيس الفتق المنحبس إلى انسداد في الأمعاء وبذلك يصبح فتقاً مسدوداً، وقد يتطور إلى فتق مخنوق، وهو الأخطر، الذي يحدث بسبب نقص التروية الدموية لكيس الفتق ومحتوياته من الأمعاء، وقد ينتهي بغنغرينة في الأمعاء المخنوقة، وبهذا تتحول الحالة المزمنة إلى حالة عاجلة مهددة للحياة، تحتاج جراحة عاجلة دون تأخير. وثمة عوامل تتحكم في احتمال حدوث هذه المضاعفات أهمها سعة عنق الفتق، فالفتوق ذات العنق الضيق أصعب في الردّ وأكثر عرضة للانحباس والاختناق، بينما الفتوق ذات العنق الواسع آمنة إلى حد ما رغم إزعاجها.
علاج الفتوق هو علاج جراحي، وقد تطورت عمليات رتق الفتوق عبر الزمن، من أساليب جراحية لتقوية أنسجة جدار البطن في مكان الانفتاق، إلى استعمال شبكات صناعية في رتق الفتق، كما توضع الرقعة فوق خرق الثوب أو ثقب إطار السيارة. ويتم وضع الشبكة بالجراحة المفتوحة أو الجراحة التنظيرية.
استخدام الشبكات الصناعية في رتق فتوق جدار البطن بدأ بالشيوع في الفتوق الجراحية بداية، بسبب معدلات النكس العالية في هذه الفتوق، ثم شاع استخدامها في جميع الفتوق بعد رسوخ مفهوم الرتق الخالي من التوتر، ذلك أن أساليب رتق الفتق التقليدية كانت تؤدي إلى شدّ في الأنسجة مما يعيق الالتئام الصحي ويزيد احتمال إخفاق الرتق، وهذا مبدأ جراحي عام في التعامل مع الأنسجة.
وصار اليوم الرتق الخالي من التوتر باستخدام الشبكات الصناعية هو العلاج الجراحي القياسي المعتمد لفتوق جدار البطن، بالجراحة المفتوحة أو الجراحة التنظيرية، ما لم يمنع منه مانع، مثل وجود تلوث أو إنتان حول موقع العملية، مما يمنع استخدام غرسات صناعية، وهذه حالات خاصة ولها معالجات خاصة.
الخلاصة، فتق جدار البطن حالة شائعة، وهي حالة مزمنة علاجها جراحي اختياري، يمكن جدولة علاجها دون استعجال ما لم تتضاعف إلى حالة عاجلة، ولا يستحسن تأخير العلاج كثيراً خوفاً من حدوث المضاعفات المهددة للحياة، وإن كانت قليلة الحدوث نسبياً.
www.facebook.com/Abuobaydatajjarrah