بابتسامة مشرقة، يذهب «سيد محمد» إلى عمله في سوبر ماركت قريب من منزله، لا يوجد أحد لا يعرفه من أهل منطقته، رغم ظروفه الأسرية الصعبة إلا أن الشاب البالغ من العمر 18 عامًا، اختار المكافحة والرضاء بالقدر من أجل الإنفاق على أسرته ودراسته في آن واحد، ولكن القدر كان يخبئ له أمرًا آخر، إذ أصيب بتعب شديد ليكتشف إصابته بالفتق الإربي، ورغم كونها عملية بسيطة إلا أن نظرات عينيه وهو يخبر أحباءه بأنه سيخضع لعملية جراحية بدت وكأنه يلقي عليهم نظرة الوداع الأخيرة.
يروي محمد سيد محمود، ويعيش في كفر الحارث بالقناطر الخيرية في محافظة القليوبية، أن ابنه «سيد» اعتاد الدراسة صباحًا والعمل مساءً في محل سوبر ماركت، إذ أنهى تعليمه في دبلوم صناعي وفكر في استكمال مسيرته التعليمة بالدخول إلى إحدى الكليات: «يوم 25 سبتمبر، ابني دخل غرفة العمليات في مستوصف مشهور عندنا، وبعد ما عملنا كل التحاليل المطلوبة الدكاترة خدروه، وقعد كذا ساعة في غرفة العمليات رغم أن العملية الجراحية بسيطة جدًا، والناس اللي في غرف العمليات التانيين خرجوا وهو لسة جوه، ولما سألت ابني مخرجش ليه، قالوا لي أن ابني فقد الوعي تمامًا».
سيد في غيبوبة منذ 9 أيام بسبب خطأ طبي
وصف الأب المعاناة التي تمر بها أسرته، فهو عامل بسيط في مصنع وزوجته ربة منزل وابنه بين الحياة والموت: «المستوصف نقل ابني لمستشفى تانية وهما اللي تكفلوا بالمصاريف كلها، ومعاه تقرير طبي بحالته وسألوني ابنك بيشرب مخدرات، قولتهم ابني ميعرفش الحاجات دي والناس كلها عرفاه، ومحدش عايز يقولنا هو عنده إيه ولا ليه مفاقش، وفي التقرير اللي مضيت عليه لقيت أن الدكاترة مستلمين ابني وحالته متأخرة بنسبة 95%»، بحسب حديث «محمد» لـ«».
تأكيد الأطباء بأن حالة الشاب ميئوس منها، وأنه في العناية المركزة، دفعهم لإخبار الأسرة بضرورة نقله إلى الدمرداش؛ نظرًا لقلة التجهيزات الطبية، وبعد نحو 3 أيام من العذاب، كشف الأطباء أن الأمر مسألة وقت وأنه ميت إكلينيكيًا ولا يوجد أمل في إنقاذه: «الدكاترة قالوا لي ابنك جاي منتهي وفي غيبوبة، ولو فتح عينه أو رمش بس، تبقى معجزة من عند ربنا، ابني كان بيسلم على الناس وكأنه بيودعهم وحاسس أنه مش هيقوم منها تاني، أنا عايز حق ابني وأعرف اللي حصله ده من إيه».
حرر الأب محضر في قسم شرطة القناطر الخيرية برقم 11110 إداري: «مش عارفين ده عيب طبيب ولا عيب أجهزة مش شغالة لأن جهاز المونيتور مكانش شغال وابني حصله نقص في الأكسجين ومحدش كان يعرف وبقاله 9 أيام في غيبوبة».