رغم كبر سنه وصعوبة حركته، يستيقظ السبعيني «سامي عبد المسيح» يوميًا، يستقل وسيلة مواصلات من كفر نصار بحي فيصل إلى مكان عمله، إذ يفترش أحد أرصفة شارع الهرم بالمنتجات البلاستيكية لبيعها من الواحدة ظهرًا حتى منتصف الليل، ليؤمن مصاريف تعليم أولاده الثلاثة، ويصل بهم إلى بر الأمان.
بيع البلاستيكات على أرصفة العتبة والموسكي
«مكملتش تعليمي، ومعرفش غير بيع البلاستيك، مهنتي من أكتر من 50 سنة»، هكذا بدأ سامي حديثه مع«: « نزلت أبيع البلاستيكات على أرصفة العتبة والموسكي، عمري وقتها كان أقل من 20 سنة».
استمر «عبد المسيح» في بيع المنتجات البلاستيكية حتى أصبحت مهنته الوحيدة، وتمكن من تأسيس بيتًا للزوجية بحي فيصل، وأنجب ثلاثة أطفال، مرددًا «الشغلانة حلوة علشان البلاستيكات حاجة أساسية في كل البيوت».
تتنوع بضاعة «عبد المسيح» ما بين الأطباق البلاستيكة، والزجاجات، وسلال الغسيل بوأحجام مختلفة، يرتبها بإتقان ومهارة بائع، رغبة في جذب مختلف الزبائن: «أسعاري بتبدأ من 15 جنيه لحد 150، ولو الزبائن قصرت معايا، ربنا عمره ما بيقصر»، لافتًا إلى أنه يضع بضاعته في أحد جراجات عمارات الهرم بالإتفاق مع سكانها، بعد انتهاء عمله، لأن جسده النحيل لا يمكنه من حمل تلك البضائع يوميًا.
خطط سامي منذ إنجاب أبنائه الثلاثة، جعل مستوى حياتهم أفضل منه في كل شئ: «خلفتهم وأنا كبيرفي آخر الأربعينات، أصريت أعلمهم علشان ميتبهدلوش زيي»، حسب وصفه، بما جعله يُضاعف عمله، بالتجول في الشوارع ليلًا ونهارًا، والمبيت على الأرصفة أمام بضاعته، ليوفر كل جنيه يأتيه لتأمين مستقبل أولاده.
التحاق أولاده الثلاثة بالجامعة
حاولت زوجة سامي أن تُقتعه بمشاركته في العمل والبيع معه في الشارع، إلا أنه رفض حتى لا يُعرضها لأي مضايقات، خاصة وأنها لم تتعود على مُخالطة الكثير من الناس منذ صغرها، ليتحمل المسؤولية وحده حتى بلوغه السبعين:«اتبهدلت ولقيت نتيجة تعبي، ولادي شرفوني والتلاتة بيدرسوا في الجامعة»، متمنيًا في نهاية حديثه أن يراهم بعد التخرج في أعلى المناصب، حتى يعوضوه على ما عاناه طوال حياته .