وسط أجواء عائلية دافئة، احتفل محمد أنور بعيد ميلاده المائة، لكنه لم يعلم أنها آخر احتفالية له مع ابنته، وأنه سيبدأ قرناً جديداً من عمره داخل دار لرعاية المسنين، فلم تعد ابنته قادرة على رعايته وخدمته كما كانت، ليجد الأُنس والونس بداخل الدار المليئة بحكايات وقصص تفطر القلوب.
يروى «محمد» قصته الحزينة، إذ كان مديراً سابقاً لإحدى المدارس، ولديه ابنتان أنفق عليهما كل ما أوتىَ، لتحصل كل منهما على شهادة جامعية تحقق لها نوعاً من الاستقرار، ليعيش معهما أجمل أيام حياته، برعاية زوجته التى كانت عمود الأسرة، إلى أن انقلبت الموازين رأساً على عقب، حسب حديثه لـ«»: «زوجتى وبنت من بناتى ماتوا وسابونى وحيد، معنديش غير بنت واحدة».
مدير المدرسة السابق احتفل بعيد ميلاده المائة وحيداً
رفض «محمد» الزواج مرة أخرى بعد وفاة زوجته، فكانت أفضل نساء العالم فى عينيه، فهى الونيس والأنيس وكل شىء له، وخوفاً على ابنته من زوجة ثانية، قرر أن يكمل رسالة زوجته ويكرس حياته لابنته، فأصبح الأب والأم والأخ لها حتى سلَّمها إلى عريسها فى لحظة من أجمل لحظات حياته، لينزف بعدها الدمع ويظل وحيداً بين أربعة جدران، وفقاً له: «قعدت سنين كتير أوى عايش لوحدى، وبعدين قلت أروح أقعد عند بنتى». عاش «محمد» مع ابنته وحفيده لمدة 15 عاماً، وما إن أتم المائة عام من عمره حتى أهدته ابنته أغرب هدية تُقدم لأى أب، إذ طلبت منه الذهاب إلى دار لرعاية المسنين، فوافق على الفور، فخدمته أصبحت عبئاً عليها: «قالت لى تروح دار رعاية، قلت لها ماشى، أنا مش زعلان، هى بنتى وحبيبتى، وتعبانة، مش هتقدر تخدمنى زى الأول».
وجد الألفة بين أناس لم يعرفهم، فلكل منهم قصة تشبه محور حياته، بخلاف مداومة ابنته وحفيده على زيارته للاطمئنان على صحته باستمرار: «همّا على طول عندى، وأنا مبسوط فى الدار، عشان مش مضايق بنتى».