«أنا جاي أقولكم إنّ مفيش مستحيل».. هو النهج الذي اتبعه الشاب العشريني أحمد التركي بعدما جاء إلى الدنيا لا يرى منها سوى اللون الأسود إذ خُلق فاقدًا لبصره، فـ راح يصنع لنفسه عالمًا خاصًا على منصات التواصل الاجتماعي ليكون أول اخصائي تغذية رياضية كفيف، ويقدم وصفات غذائية عبر مقاطع الفيديو التي يصنعها بنفسه.
أحمد التركي، صاحب الـ23 عامًا، الذي تخرج في كلية التسويق الإلكتروني بالأكاديمية البحرية بدأ في الظهور على السوشيال ميديا منذ عام 2018 يُقدم نفسه للمتابعين كخبير تغذية، بعدما حصل على شهادة عالمية معتمدة من ISSA، إلا أنّ نمط الحياة السريع جعله يعدل عن ذلك المحتوى بتقديم الوصفات الغذائية المختلفة: «ابتديت في مجال التغذية الأول على السوشيال ميديا ولكن الموضوع كان صعبا لأن الناس عايزة تخس بسرعة ومحسيتش إن المجال ده هيكون كويس في مصر».
رغبة الشاب العشريني في تقديم محتوى خفيف للمتابعين جعلته يطل عبر منصات التواصل الاجتماعي إنستجرام وتيك توك وفيس بوك من خلال مقاطع فيديو تقدم وصفات غذائية خفيفة ومختلفة ومراجعات عن آرائه في المطاعم المختلفة تتخطى ملايين المشاهدات، وهو المحتوى الذي يرى «أحمد» من وجهة نظره أنّه «لذيذ والناس هتحبّه».
أحمد يصنع فيديوهاته من الألف للياء
إعاقة «أحمد» البصرية لم تمنعه أن يصنع مقاطع الفيديو الخاصة به من الألف إلى الياء بدءًا من التصوير وحتى المونتاچ والنشر على منصاته الشخصية، إلا أنّه أحيانًا يتلقى مساعدات من أصدقائه أثناء التصوير خاصة وأنّ كلتا يديه تكونا مشغولتين بتحضير الوصفة: «فيه ناس كتير متعرفش إنّ الشخص الكفيف يقدر يعمل أي حاجة على الموبايل بنفسه وده مش جديد، دي تطبيقات موجودة ومتاحة من زمان».
وبطبيعة الحال، أحيانًا ما يتلقى الشاب العشريني بعض التعليقات السلبية من متابعيه، إلا أنّه لا يأخذها على محمل الجد ولا يُعير صاحبها اهتمامًا، خاصة وأنّ ذلك المتابع هو مجهول بالنسبة له يكتب تعليقاته من وراء الشاشة بحسب تعبيره: «الكومنتس السلبية أنا مش باخدها بشكل شخصي لكن بقول ده واحد قاعد ورا شاشة لا أعرفه ولا يعرفني فـ مبحطهاش في بالي ومعنديش مشكلة معاها وبدعيله ربنا يهديه، وبقول لنفسي أنا ليه اتضايق من واحد ميعرفنيش؟».
ومن بين التعليقات السلبية، يتلقى «أحمد» أيضًا كلمات الثناء والتشجيع والتي تدفعه نحو تقديم المزيد، إذ يعتبر نفسه صريحًا يقول آرائه في المنتجات بكل صدق وشفافية: «الناس بتقولي إنّي صريح لأني بقول بصراحة الحاجات اللي مش عاجباني ومش بعرف أطبّل لمكان معين، لو حاجة حلوة بقول حلوة والعكس، لأني مش مستعد أخسر المتابعين عشان شوية فلوس».
أحيانًا ما يواجه «التركي» صعوبة في التعامل مع بعض المتابعين الذين يجهلون كيفية تعامل ذوي الإعاقة البصرية مع منصات التواصل الاجتماعي خاصة وأنّه لا يرى في ذلك أي صعوبة مع توافر التطبيقات التي تُتيح له قراءة التعليقات بالصوت ومعرفة مكونات المواد التي يستخدمها في وصفاته، يقول «أحمد»: «أنا ساعات بعمل ريفيو لمنتج معين بلاقي الناس بتقولي أنت عرفت منين إنّ المنتج ده بالفراولة؟ طب مانا دوقته وعرفت!، وساعات بلاقي حد كاتب تعليق بيقول حد يعرّفه إني بحبه برغم إني بقدر أشوف كل التعليقات».
«أحمد» ينوي الانتقال إلى الاحترافية
وبخلاف عشق «أحمد» للمطبخ والتصوير، يهوى أحمد مشاركة والده أحيانًا في شركته الخاصة التي تعمل في مجال التكنولوجيا من خلال تصليح بعض الهواتف وأجهزة الكمبيوتر التالفة، بالإضافة إلى احترافه كرة القدم، إذ التحق بمنتخب مصر في كرة القدم للمكفوفين: «احنا اصلا لينا فريق كرة قدم وكنت شاركت في المعسكر اللي فات لكن مكملتش عشان كان عندي ظروف، لكن أنا مسجل في منتخب مصر في اتحاد الكرة».
ويعتمد «أحمد» في مقاطعه على التصوير بهاتفه الشخصي في المنزل، إذ يُصور نحو 7 مقاطع في يوم واحد، ويبدأ في نشر مقطع فيديو يوميًا على مدار 7 أيام، إلا أنّه يطمح خلال الفترة المقبلة أن ينتقل إلى مرحلة متطورة من خلال تخصيص استوديو للتصوير داخل المنزل وشراء كاميرا ومايك بدلًا من الاعتماد على الهاتف: «ناوي الفترة الجاية إني أخلي التصوير بروفيشنال أكتر وأعتقد إنّ دي هتكون نقلة بالنسبة لي»، مُضيفًا: «أنا مبحبش الناس اللي بتقول إني بستعطف الناس لأنّي مبعملش كده خالص، ولا بطلع أشحت من حد ولا بقول لحد عايز فلوس».