| «أحمد» سائق «كارتة» في الأهرامات من 27 سنة: أنا سفير بلدي أبا عن جد

أمام منطقة الأهرامات يقف أحمد إبراهيم بـ«كارتة» في انتظار إشارة أو إيماءة من الزوار الراغبين في جولة سياحية تسر أعينهم وتفتح لهم أبواب التاريخ ليتعرفون على قوة الحضارة الفرعونية وجمالها، وفور أن يتجه إليه السائح الأجنبي، يضيء وجهه ويتأكّد من شكل حصانه «المهندم» وإحكامه وضع «السرج» ويبدأ في إطلاعه بخطوات الرحلة التي يحفظها عن ظهر قلب منذ 27 عامًا.

معروف عند السياح بلقب «هاج إبراهيم»

يحرص «إبراهيم» على إمتاع الزوار على حصانه بجولة مميزة، إذ يتجول بهم حول الأهرامات وأبو الهول، ويصورهم بالأساليب الحديثة التي تعلمها من أصدقائه المصورين، بينما يحكي لهم عن التاريخ الفرعوني الذي اشترى له كتاب خصيصًا كي تكون معلوماته موثقة، فهو مولع بالحضارة القديمة وتاريخها لدرجة أنه بدأ العمل منذ أن كان عمره 5 سنوات.

«جولات السياح بالكارتة في الأهرامات ورثتها أبا عن جد، أنا بحب الأهرامات ولا عمري أفارقها، براح وتاريخ وجمال مش هعوز حاجة تانية من الدنيا».. هكذا عبرّ «إبراهيم» عن حبه لعمله الذي التحق به منذ صغره، إذ تعلم سريعًا بعض اللغات مثل الإنجليزية والفرنسية، وطوّر مهاراته من أجل التفوق على أقرانه من نفس المهنة ولجذب الزبائن مثل شراء الكتب التاريخية عن الآثار المصرية القديمة وكيفية بناء المقابر في الأهرامات: «بعد فترة من ظهور الموبايل لاقيت الناس بتكون حابة تتصور بطريقة يفتكروها بعد ما يمشوا وبدأت أتعلم طرق للتصوير جديدة من على النت ومن اللي حواليا زي وضعية إنك تكون ساند على الهرم، ووضعية أنك تكون بتدفعه لقدام وغيرها والناس بتنبسط وبيفضلوا فاكريني ولو أجانب بيسموني هاج إبراهيم».

سائق الـ«كارته» يجيد 3 لغات ويحب التاريخ الفرعوني

بوجهه الأسمر وأسنانه المكسورة يحكي «إبراهيم» عن معاناته من عدم قدرته على توفير المال الكافي لإصلاح فكه فهو ينفق كل ما يجنيه من عمله على أشقائه التسعة وأبنائه: «والدي مات وأنا صغير مكملتش 13 سنة، ومن ساعتها بقيت أنا المسؤول عن أخواتي وأمي، ومفكرتش في شغلانة تانية لأني مش بس بحبها ومقدرش أتخيل نفسي يوم مش بحكي فيه التاريخ المصري، ده أبويا وصاني إن دي شغلانة العيلة ومينفعش إني أسيبها رغم أن اللي باخده في اليوم يدوب على القد».

ورغم تلك الهموم التي تثقل كاهله إلا أنَّه مع اقتراب السائح من «الكارتة» لركوبها استعدادًا لبدء الرحلة يسرع «إبراهيم» لضبط جلبابه الرمادي و«الطاقية» الخضراء التي تحمي عينه من أشعة الشمس كأنّه ذاهبَا إلى حفلة، مبتسمًا: «صحيح الحياة بتضرب فيا كل شوية، لكن أنا عمري ما استسلم وأسيب الشغلانة، أصل أنا فيها سفير بلدي».