يدخلان أي مسجد قريب منهما، ويأخذان المصاحف البالية والممزقة إلى منزلهما في منطقة حلوان، إذ يخصص الشاب أحمد وليد محمد ووالده، ركنًا صغيرًا يصلحان فيه المصاحف القديمة المقطوعة، إلى كيان متماسك، بعد أن تحولت إلى أوراق مبعثرة وغلافها مهترئ، على نفقتهما الخاصة، كصدقة جارية يتقربان بها لله تعالى.
يدرس «أحمد» بالفرقة الأولى بكلية نظم المعلومات، أما والده «وليد» فهو موظف في شركة الكهرباء، ورث الأب والابن هواية إصلاح المصاحف القديمة وترميمها من الجد «محمد»، ويقول الشاب العشريني لـ«»: «أنا ووالدي بنصلح المصاحف المقطوعة اللي في المساجد، أي مسجد فيه مصاحف عايزه تتصلح بأي كمية بنروح ناخدها البيت ونصلحها ونرجعها تاني، ولو حد عنده مصحف قديم في بيته بيقرأ فيه بنصلحهوله، وكل دا لوجه الله تعالى وصدقة جارية علي روح جدي وعلي روح المسلمين أجمعين».
تصليح 5 آلاف مصحف في عامين
خلال عامين فقط، نجح «أحمد» وأبوه في تصليح وترميم آلاف المصاحف داخل منزلهما «بدأنا من سنتين، في الأول نزلت لفيت على المساجد القريبة من البيت وسألتهم عن المصاحف وقولتلهم أنا بعمل إيه وكدا، وبعدها مسجد وصلني لمسجد لغاية ما قدرنا نصلح حوالي 5 آلاف مصحف، وكل المواد الخام اللازمة للتصليح والترميم بنتكفل بها بالكامل، وبإيدينا ومن غير ما نروح مطبعة أو حاجة».
كل المصاحف يمكن إصلاحها إلا ذات الصفحات الناقصة
حب تصليح المصاحف اكتسبه «أحمد» من جده، ولكن وصوله إلى الخبرة والمهارة في هذا الأمر لم يكن سهلا/ «أنا اتعلمت بالتجربة، مرة على مرة بقيت خبير فيها وأقدر أصلح أي مصحف، لو جلدته بايظة أو صفحاته مهرية برجعه جديد زي الأول، لكن لو صفحاته ناقصة مش بقدر طبعا أشتغل فيه، بيكون في مصاحف حالاتها مهرية خالص، لكن بنقدر بفضل الله نرجعها سليمة ومتماسكة».
تصليح وترميم المصاحف يشغل وقتا ليس قليلا من يوم «أحمد» وأبوه «وليد»: «الفترة دي والدي بيشتغل أكتر مني بكتير عشان الدراسة، هو بيروح وظيفته الصبح وبيرجع يريح شوية وبعدين نبدأ نشتغل سوا في التصليح، وكمان والدي بينام ويصحى على الساعة 2 الصبح كدا، يقعد يصلح ويرمم لغاية ما يروح الشغل 7 الصبح».