لغز محير يمكن أن يخطر على بالك عند الحديث عن العمليات الجراحية قبل اكتشاف أو ابتكار البنج، كيف كانت تجري الخياطة، أو عمليات المخ؟ ولكن كان الطب له أساليبه المتعددة قديما مثل اليوم، فابتكر الأطباء عددًا من الحيل التي تمكنهم من إجراء فحوصاتهم، وعملياتهم الطبية بسلاسة.
ماذا كان يحدث قبل اكتشاف التخدير؟
قبل تطوير تقنية التخدير، كان المريض الذي يتوجه إلى طبيب ليجري له عملية جراحية، يسير وكأنه يساق إلى الموت، فالعمليات الجراحية قديماً كانت مصدرًا للآلام والفزع، بسبب الوسائل التي كان يبتدعها الأطباء لتخفيف الشعور بالألم عن المريض خلال إجراء العمليات الجراحية، حسب موقع huffpost.
واحدة من الأساليب الغريبة، وضع قطعة خشبية، والطرق عليها، حيث توضع على رأس المريض، بواسطة مطرقة، حتى يدخل المريض في حالة من فقدان الوعي والتوازن، أو إدخال رأس المريض بقدر نحاسي مجوف مع الطرق عليه بقوة حتى يفقد وعيه.
ماذا استخدم المصريين قديما في التخدير؟
وفي الحضارة المصرية القديمة، استخدمت طريقة الوخز بالإبر في مكان العضو المراد علاجه أو استئصاله، بدلا من البنج، أو التخدير إلا أن هذه الطرق القديمة لم تكن إلا وسائل تعذيب تشغل المريض عن ألمه بآلام أخرى، ومن هنا لجأ الأطباء إلى استخدام الأعشاب ذات التأثيرات المخدرة، مثل الكوكايين الذي يسبب استنشاقه الدوار، والأفيون والماريجوانا اللذين كانا يستعملان للتخفيف من الشعور بالآلام، والقنب الهندي لما له من قدرة على تعطيل المراكز الحسية بجسم الإنسان.
اكتشاف التخدير
كان الوصول إلى مادة مخدرة لا تسبب آثاراً جانبية، مشكلة بحثية تواجه العلماء حتى اكتشف الكيميائي الأميركي صموئيل جوثري في العام 1831، مادة الكلوروفورم، وهي عبارة عن سائل شفاف له رائحة مميزة تضمن تخديراً سريعاً ومريحاً للمريض.
وفي عام 1846، أجرى الطبيب الأمريكي ويليام مورتون، عملية جراحية باستخدام مادة الكلوروفورم، وعلى إثر ذلك توسع الأطباء في استخدام هذه المادة حتى تم اكتشاف تأثيرات سامة على القلب والكبد وعدد من الأعضاء الداخلية وغثيان واضطرابات كلوية ناتجة عن هذه المادة، لذلك لا يعتمد بشكل تام على مادة الكلوروفورم في التخدير اليوم.
مع تطور الأبحاث العلمية وحاجة الأطباء المتزايدة إلى اتباع طريقة في التخدير لا تضر بصحة المرضى، تم استخدام غاز «أكسيد النيتروز»، وهو يستخدم حاليا، وهو غاز لا لون له يستخدم في التخدير لإجراء العمليات الجراحية، كما يستخدم في بعض الحالات الخاصة لعلاج الألم الحاد، ويعرف أكسيد النيتروز باسم غاز الضحك لأنه يسبب الاسترخاء والضحك أحياناً عند استنشاقه.
ويتم استنشاق غاز أكسيد النيتروز إما من خلال جهاز خاص أو مباشرة عن طريق الفم، حيث يصل الغاز مباشرة إلى الرئتين، ومن ثم يبدأ مفعوله على الجسم، فيشعر المريض بالاسترخاء حتى يفقد الوعي، ويعتبر الغاز آمن جداً في معظم الحالات وذو تأثير قصير المدى.