على الرغم من اهتمام الدولة بأبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن الكثيرين من هذه الفئة لا تزال حياتهم مليئة بالآلام ومحفوفة بالمخاطر ويتكبدون معاناة شديدة تغيب عن أذهان الكثيرين، ولا يشعر بها سوى أهاليهم الذين يتجرعون المرارة والخوف على صحة أبنائهم كل لحظة، وهو ما دفعهم في النهاية لإنشاء صفحة على «فيس بوك» باسم «أولياء أمور قادرون باختلاف»، للتعبير عن مطالبهم.
تمثلت المطالب التي عبرت عنها صفحة «أولياء أمور قادرون باختلاف»، في ضرورة إنشاء مستشفى مٌتخصص في كل محافظة في الجمهورية لذوي الاحتياجات الخاصة، ومُزوَّد بكوادر طبية ومتخصصين يجيدون التعامل مع هذه الفئة بما تحتاجه من معاملة خاصة، وبأسلوب معين يناسب ظروفهم الصحية، بالإضافة إلى تقديم العلاج مجانًا لهم؛ نظرًا لعجزهم عن تحمل تكلفته العالية.
مشكلة تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة عند دخولهم المستشفى
وبحسب تعبير أولياء الأمور، فإن المشكلة الكبيرة التي تواجه الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل المُصابين بإعاقات ذهنية أو متلازمة داون، تكمُن في أنه عند تعرضهم لأي مشكلة صحية ودخولهم للمستشفى، يتم التعامل معهم بناءً على سنهم المدوَّن في البطاقة الشخصية دون مراعاة لتأخرهم العقلي واحتياجهم الضروري لمعاملة خاصة تناسبهم، وهو ما يُزيد من تدهور حالتهم الصحية أكثر ويُعرضهم للخطر، بحسب نورا عبدالمقصود، 52 سنة، من أبناء محافظة الإسكندرية وإحدى أولياء الأمور، في حديثها لـ«».
تستكمل «نورا» حديثها، بأن ابنتها وعد جمال، 15 سنة، تعاني من إعاقة ذهنية، ورغم وصولها إلى هذه السن، إلا أن عمرها العقلي لا يزال في سن الـ12، وتعاني من نوبات صرع وكهرباء زائدة وبؤر في الدماغ: «كل اللي إحنا طالبينه أننا نأمن حياة ولادنا.. لما بيدخلوا أي مستشفى بيتعاملوا معاهم على أنهم كبار في حين أنهم في الحقيقة مهما كبروا بيكونوا أطفال وبيحتاجوا معاملة خاصة وده مش متوفر في المستشفيات الحكومي ولا الخاص».
مطالب بإنشاء مستشفى متخصص لذوي الاحتياجات الخاصة
ذكرت عبير محمد، 47 سنة من محافظة الإسكندرية، في حديثها لـ«»، أن ابنتها حبيبة أحمد، 19 سنة، تعاني من متلازمة داون وعمرها الفعلي لا يتعدى الـ10 سنوات، وتعاني من مشكلة في الكلام وضعف شديد في المناعة مما يُعرضها دائمًا لمشكلات صحية: «بنتي لما بتتعب بتخاف تقول أنها تعبانة، أنا بحس بيها، ولو دخلت مستشفى هيعاملوها على أنها بنت كبيرة عندها 19 سنة ومش هيسمحوا لي حتى أني أدخل عندها وده هيخليها تخاف وتتدهور حالتها الصحية أكتر، علشان كده نفسنا في مستشفى متخصص ودكاترة يعرفوا يتعاملوا مع حالاتهم».
وهو ما أكده وطالب به أيضًا أيوب عبده، 25 سنة، أخصائي علاج طبيعي، من أبناء محافظة سوهاج، خلال حديثه لـ«»، موضحًا أن لديه شقيقه «نوفير عبده»، 15 سنة، يعاني من متلازمة داون ويجد أحيانًا صعوبة في التعامل مع الآخرين: «بنتمنى يتم إنشاء مستشفى متخصص ليهم وتكون مزودة بكوادر طبية ومتخصصين عندهم القدرة والمهارة الكافية للتعامل معاهم»، لافتًا إلى أن أصحاب متلازمة داون وذوي الاحتياجات الخاصة عمومًا يمثلون نسبة كبيرة من أبناء الشعب المصري.
عدم القدرة على تحمل تكلفة العلاج
لم تقتصر معاناة هذه الأسر على الآلام النفسية والخوف على أبنائهم، وإنما شملت أيضًا عجزهم في أحيانٍ كثيرة عن تحمل تكلفة العلاج العالية، وهو ما دفعهم للمطالبة بتوفير العلاج بشكل مجاني: «المصابين بمتلازمة داون مبيقدروش يمشوا غير بعد سنتين أو تلاتة على الأقل وخلال الفترة دي بيحتاجوا جلسات علاج طبيعي وبتكون مكلفة جدًا لأنها بتكون 3 جلسات في الأسبوع»، هكذا قالت لمياء أحمد، 45 سنة، من أبناء محافظة الإسكندرية، وأن ابنها محمد السيد، 16 سنة، يعاني من متلازمة داون، وتجد صعوبة في تحمل تكلفة علاجه.
كما تمنت «لمياء» لو يتم إنشاء كيان طبي خاص ومُستقل لذوي الاحتياجات الخاصة مزودًا بقسم مختص بالجانب السلوكي وتنمية المهارات لديهم، بالإضافة إلى قسم الرعاية الطبي المزوَّد بكوادر طبية مؤهلة: «كمان بنطالب أن لو ولادنا – لا قدر الله – دخلوا عناية مركزة، يسمحوا لنا بمرافقتهم لأن ده هيحسن من نفسيتهم ومن قابليتهم للعلاج».