| أهالي قرية محمود العربي يروون مواقفه الإنسانية وأكثر عبادة أحبها

ملامح هادئة وقورة حملها وجه ترك الزمن أثاره عليه وامتلأ بالجهد والكفاح، ولكن الابتسامه لا تفارقه أبدًا، رغم كبر سنه وظهور التعب عليه، إلا أنه يستمع إلى الجميع باهتمام، ويتابع مشاكلهم بنفسه وكأنه ولد لفعل الخير فقط، فلا يوجد في مصر شخص واحد يجهل محمود العربي، رجل الأعمال البار بأهل بلده، والحريص على تحقيق أمنيات أهل قريته وكل من يلجأ إليه، لتكون جنازته التي أقيمت أمس مهيبة وضخمة ويصلي عليه آلاف الأشخاص، منهم من لم يره من قبل، ولكن سيرة الراحل العطرة دفعتهم للحضور.

مواقف عديدة للأعمال الخيرية التي فعلها الراحل الحاج محمود العربي، مثلما اعتاد أهل قريته «أبو رقبة» بمركز أشمون بمحافظة المنوفية مناداته، إذ يحكي «عماد طارق عبدالعزيز» البالغ من العمر 27 عامًا، والحاصل على بكالوريوس هندسة، أنه منذ وعت عيناه على الدنيا وجد أن الراحل له بصمة في كل مكان بالقرية بجميع المجالات سواء تعليمية أو مجمعات طبية أو مصانع: «كل ما بيتم من منشآت داخل القرية عن طريقه، سواء مجمع تعليمي، نموذجي، لحد معهد قرآن، بالإضافة إلى مجمع كتاب لتحفيظ القرآن الكريم، حتى أنه حول منزله الخاص لمسجد، وعمل جزءا منه مستوصفا طبيا مجانيا لغير القادرين».

مواقف إنسانية في حياة الحاج محمود العربي 

العديد من المواقف الإنسانية تميز بها الراحل محمود العربي، بحسب «عماد» في حديثه لـ«»، إذ ذكر أن رجل الأعمال أنشأ مؤسسة لغير القادرين في جميع المجالات بالقرية، مثل الأيتام والأرامل، بالإضافة إلى مستشفى العربي المجاني: «أي حد في القرية لو محتاج حاجة كان بيروحله وبيوفرها على طول، وكان متعود أنه يدبح سنويا أضاحي ويوزعها على أهل القرية كلهم حوالي 10 آلاف فرد، ولو فيه عروسة بتتجهز هو بيتكفل بيها من الألف للياء، ومش شرط اللي محتاجله يكون من مجموعة العربي، ده غير أنه تكفل بالبلد كلها سواء صرف صحي، مياه، مركز شباب، الخدمات العامة كلها هو كان بيوفرها».

محمود العربي كان يشجع الشباب على ابتكار مشاريعهم الخاصة ويمولها

اعتاد الشاب العشرييني على زيارة الحاج محمود العربي بمنزله بصحبة والده من باب صلة الرحم، إذ يكنان له معزة خاصة: «هو كان الله يرحمه عشري وابن ناس ومن الشخصيات اللي مبتنساش أصلها، وكان بيجي كل فترة يصلي الجمعة في البلد ويتكلم مع الناس ويحل مشاكلهم، بلدنا كلها شغالة في العربي ومستحيل حد كان يروحله في وظيفة إلا لما يكون متوظف قبل ما يمشي من عنده، ولو حد احتاجه في أي حاجة كانت بتبقى مقضية من قبل ما تتطلب، هو كان متعود يصلي في مسجد الرحمن الرحيم في صلاح سالم، والناس كلها كانت بتقابله هناك، وعمره ما رفض لحد طلب، كان الأب الحنين للقرية كلها، وجوده في وسطنا من غير ما نحتاجله فرحة لينا أنه من ضمن الكوادر اللي بنتشرف بيها في المنوفية».

حماس شديد كان الراحل يظهره دائمًا للشباب ويشجعهم على ابتكار المشاريع الخاصة بهم وتمويلها، وأبناؤه يسيرون على نفس نهجه، وكانوا لا يفعلون شيئا إلا بمشورته: «كان دايما بيقول للشباب لو فكرة عندكم أعرضوها عليا وأنا أنفذها ليكم».

محود العربي بنى مستشفى عزل كورونا مجانيا لأهل قريته 

ويروي أحمد السقا، البالغ من العمر 38 عامًا، ومن سكان قرية «أبو رقبة»، أن محمود العربي رجل لن يعوض، وكان لديه مكتب تحفيظ قرآن كريم لأهل القرية حوله بالكامل لمستشفى عزل كورونا 6 طوابق مجانية، وكان الأطفال الذين يحفظون القرآن في مكاتب التحفيظ لديهم الفرصة لأن يصبحوا محفظين: «أنا حفظت قرآن في مكاتب التحفيظ اللي عملها في القرية من وأنا عندي 7 سنين، وخيره عليا وعلى أهل القرية كلهم، وله نشاطات خيرية كتيرة مش بس في مصر، في أفريقيا وبعض الدول، والنشاط الخيري بتاعه ذاتي التمويل تمامًا».

جبر الخواطر أكثر عبادة أحبها الراحل 

يتابع «أحمد»، حديثه لـ«»، قائلا بأن الراحل اعتاد على توظيف الشباب وأولويته لأبناء قريته سواء عمال أو إداريين أو مهندسين: «أنا اتعاملت معاه بشكل شخصي، وصليت معاه كتير، وكانت أكتر عبادة بيحب يعملها، هي خبر الخواطر، وعمله بكسر بخاطر حد حتى لو طفل، أي حد كان عايز يتجوز، يتوظف مش معاه فلوس، قبل ما يمشي من عنده طلبه بيبقى مقضي على طول، في مرة روحتله من فترة وقولتله إني مش معايا فلوس اتجوز وعايز اشتغل عندك علشان أعرف أكون نفسي، قبل ما أمشي جالي تليفون من مسؤول التوظيف عنده قالي إني اتوظفت».

ومن المواقف التي لا تنسى، أن محمود العربي أعطى للموظفين في شركته إجازة أسبوعين مدفوعة الأجر في فترة كورونا مراعاة للظروف وخوفًا على حياتهم، كنا بنروحله علشان يحل لينا المشاكل، أو ناخد رأيه في الموضوعات اللي تخصنا، وكان متواضع جدا وعارف الأشخاص بالأسماء، ودايما كان بيبقى موجود في البلد هو والأسرة كلها في الأعياد، ولو فيه فرح أو مناسبة أو عزاء، لازم يقضي الواجب طبعا، احنا عندنا من 4 ل 6 آلاف شغالين في العربي من القرية».