اختلطت رائحتهم بكلاب الشوارع التي تنام بجانبهم، جلسوا معًا وقتًا كبيرًا حولهم لأصدقاء، قد يتحدثون مع بعضهم وقت الفراغ، فتلك الحيوانات بالنسبة لهم أقرب من أسرهم، التي تركتهم دون تقديم أي مساعدة، فعلي الأقل يأخذون منها «الونس»، لمدة 3 سنوات، إذ يقيم أيمن محمد بدري، على رصيف منطقة المعادي بمحافظة القاهرة، رفقة أولاده الاثنين، بعد أن تفحمت شقته إثر حريق مدوٍ عام 2019.
حياة أسرة «أيمن» تحولت من الاستقرار إلى الرصيف، ومن الزواج إلى حياة العزوبية، ومن الدفء إلى برد الشتاء القارس، ومن حضن البيت لوحشة الرصيف، وقسوة نظرات المارة، والمعاملة السيئة حين يطلب منهم المساعدة، كل هذا كان بسبب ابنته البالغة 6 سنوات الآن، فمنذ 3 سنوات كانت تلعب بـ«الكبريت» ما أدى لحريق، دمر أساس الشقة بأكمله، وهي مغلقة منذ وقتها حتى الآن.
زوجة «أيمن» تركت أولادها
يروي «أيمن»، لـ«»، أنه بعد احتراق شقته خرج رفقة أولاده الاثنين، وزوجته التي تركته رفقة أبنائه، والذهاب إلى بيت أخيها دون طلاق، ولكن لم تقدر على البقاء معه في الشارع، مضيفًا: «خرجت من البيت وأنا معايا فاطمة بنتي 3 سنين، وعبدالرحمن ابني كان عنده سنة واحدة بس، وناس كتير طلبوا مني أحط أولادي في دار رعاية، بس أنا رفضت، وقولت هيعيشوا معايا في أي حتة، ومش هقدر أسيب أولادي يتربوا بعيد عني».
حياة الأسرة على الرصيف.. بيع مناديل ومسح للسيارات
حياة الرصيف ليست مستحيلة، وآلاف المشردين يقيمون عليه دون ملجأ، ولم يكن في يد «أيمن» شيئًا سوى التأقلم على الوضع، مقررًا تربية أولاده من خلال ما يربحه بيع المناديل، أو مسح السيارات المارة في الشارع، أما في فصل الشتاء فيأخذ ساترًا أثناء هطول الأمطار، موضحًا: «غصب عني ومقهور من جوايا بسبب اللي بيحصل لأولادي معايا، تخيل ابني كان معايا في الشارع وهو لسه رضيع مكملش سنة، وبحاول أربيهم من بيع المناديل أو مسح العربيات اللي ماشية، وبناشد المسؤولين أنهم ينقذوا أولادي من الشارع».