| «إبراهيم» يعول أسرته من السجاد اليدوي ببضع جنيهات: 55 عاما يقاوم الزمن

لم يعرف مهنة سواها، ورثها عن أجداده وآبائه منذ 55 عاما، تربى في ورشة صغيرة لصناعة السجاد والكليم والجوبلان اليدوي، حتى تشرب الصنعة، وأصبح «عم إبراهيم» ماهرا فيها، لكنه فضل عدم تعليمها لأولاده، بسبب صعوبتها وتسببها في إلحاق العاملين بها بإصابات العمود الفقري.

55 عاما في صناعة السجاد والكليم اليدوي

«من وأنا طفل بشتغل صانع سجاد وكليم وجوبلان يدوي، لكن ضهري اتقطم من القعدة على مدار 55 سنة في الورش المختلفة، أه شربت الصنعة، وعشت معاها أحلى ذكريات، أيام ما كانت في عزها، لكن أفنيت عمري فيها، وبقت غير مربحة، وقطار العمر عدى بيا، ومبقتش أعرف أشتغل غيرها»، بتلك الكلمات تحدث إبراهيم حسن، 61 عامًا، والمقيم بمدينة فوه التابعة لمحافظة كفر الشيخ، عن المهنة التي عمل بها طوال حياته.

يستيقظ الرجل الستيني من نومه مع آذان الفجر، يرتدي ملابسه متوجها إلى ورشة صناعة السجاد والكليم والجوبلان، يجلس ساعات طويلة منحني الظهر لتشكل يداه أجمل قطع السجاد، الذي كان يصدر لدول أوروبا من شرقها لغربها: «بصحى من الفجرية علشان أروح الورشة، وبقعد أكتر من 15 ساعة شغل، علشان أقدر أصنع القطع اللي ممكن تاخد وقت طويل جدا، والقعدة دي متعبة وبتسبب في إصابات العمود الفقري، لكن ملناش غيرها، كنا زمان بنصدره لأوروبا»، بحسب حديث «إبراهيم» لـ«».

قتال للحفاظ على المهنة من الاندثار

لا يستطيع «إبراهيم» البحث عن عمل آخر على الرغم من قتاله من أجل الحفاظ على المهنة التي اندثرت: «مبقاش في العمر بقية، ودفنا عمرنا في المهنة دي، ولينا فيها ذكريات حلوة وسيئة، كنا في مدينة فوه رائدين في الصناعة، وإيدينا بتتلف في حرير، وبنشكل أجمل القطع اللي بتبهر العالم، ولسه جيلي بيقاتل، من أجل بقاء الحرفة اللي اندثرت من زمان بفضل التكنولوجيا الحديثة».

فرق كبير بين السجاد والكليم والجوبلان اليدوي، وبين السجاد المصنوع بالماكينات: «بنقدر نشكل كل فتلة خيط بإيدك وبتقدر تعمل رسومات كثيرة جدا، سواء بناءً على طلب الزبون، أو من صنعك أنت وبمزاجك، وكله بيبقى مصنوع بخامات طبيعية من الصوف والقطن».

معنديش باب رزق تاني 

لا يجد الرجل الستيني بابا آخر للرزق من أجل الإنفاق على أولاده، بالرغم من تقاضيه جنيهات قليلة: «معنديش مصدر رزق تاني، وفي رقبتي كوم عيال، بصرف عليهم من الحرفة ديه، وأولادي بيشتغلوا ويدرسوا، معلمتهمش المهنة ديه، علشان خلاص محدش مهتم بيها، وأتمنى إني أكمل رسالتي فيها على خير».