مع حلول كل سنة، كانت تكسو أرض فلسطين أجواء احتفالية وروحانية، ابتهاجا باستقبال عام الجديد والاحتفال بعيد الميلاد المجيد، رغم ما تعانيه من احتلال وارتكاب جرائم وحشية على أراضيها، وعلى الرغم من ذلك تُضيء الأراضي المحتلة أنوار الميلاد في الشوارع وتحرص على تعليق الزينة، ويخرج الأطفال فرحًا بالأزياء الخاصة، إلا أنّ هذا العام أطفأت الضفة الغربية أنوارها، وعمّ الصمت، وباتت الكآبة تسود الوجوه، بسبب الاعتداءات الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في غزة والضفة.
احتفالات الكريسماس في فلسطين من البهجة للكآبة
على مدار الأعوام الماضية، حرص الشعب الفلسطيني على الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، ففي عام 2018، وتحديدًا يوم 25 ديسمبر، شهدت منطقة بيت لحم الفلسطينية دونًا عن غيرها من المدن الفلسطينية، احتفالًا محدودًا في بيت أطلقوا عليه «منزل بابا نويل الفلسطيني»، الذي يقع في البلدة القديمة، ويستقبل عيسى قسيسة، الذي يأتي مُرتديًا أزياء الكريسماس، يستقبل الزوار والأطفال بحفاوة في كهفه المزين بالأضواء والشموع.
وفي العام التالي، استقبلت مدينة بيت لحم الفلسطينية آلاف المسيحيين، وأطلقوا الاحتفالات الخاصة بالكريسماس في الشوارع، وامتلأت الشوارع والساحات بالأطفال الذين حرصوا على ارتداء ملابس «بابا نويل»، وتزينت الشوارع بمجسمات المسيح وشجرة عيد الميلاد التي بلغ طولها نحو 15 مترًا، وانتشرت أجواء الاحتفالات في ساحة المزوّد ببيت لحم، واستقبلت عشرات الزوار الذين أتوا إلى مسقط رأس المسيح.
وفي وسط الضفة المحتلة، احتفل الأهالي عام 2020، في الطرقات والأماكن العامة والمحال والساحات والمطاعم، في ظل انتشار فيروس كورونا، والتقط الشعب الفلسطيني الصور التذكارية بجوار شجرة الكريسماس، وتجوّل الأطفال والشباب لإلقاء التحية على جيرانهم مرتدين زيّ «بابا نويل».
ولم تخلُ القدس أيضًا من احتفالات الكريسماس، إذ تزيّنت بالأضواء التي ملأت الشوارع وواجهات المحلات، ودوّت أصوات المفرقعات أرجاء الشوارع، أما بيت لحم، فقد تزينت الكنيسة بأضواء وأجراس الكريسماس، التي قُرعت دون جمهور، بسبب التدابير الاحترازية التي فُرضت جرّاء فيروس كورونا.
وشهدت مدينة الناصرة، أجواء احتفالية تمثلت في عروض فنية ومسرحية وعدد من الحفلات الغنائية والاحتفالات، كالتي أطلقتها أيضا المطاعم والفنادق في بيت لحم، وفي قطاع غزة، حيث ارتدى الأطفال أزياء «بابا نويل» وانطلقوا إلى الشوارع يحتفلون ببدء العام الجديد، وتسببت الأعداد في غلق الشوارع أمام السيارات، وحرص الشعب الفلسطيني على الاحتفال أعلى أنقاض منازلهم المُهدّمة ووزعوا الهدايا على الأطفال.
وفي ظل استمرار الجائحة، تحَدْت القدس فيروس كورونا، وبدأت احتفالاتها بإطلاق موكب الميلاد من مدينة القدس إلى بيت لحم بفلسطين، واحتفل المسيحيون بعيد الميلاد المجيد، وأغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي الأبواب أمام الحجاج والأجانب وأُقيمت الأحتفالات دونهم.
وفي عام 2022، تزامنت احتفالات الكريسماس مع مرور قرن ونصف القرن على تأسيس مدينة بيت لحم، واكتظت المدينة بالشعب الفلسطيني الذي خرج يحتفل في الشوارع، بعدما أعدّت المدينة برامج احتفالية دولية بالكريسماس، بحضور عدد كبير من الفنانين من بلدان مختلفة تمثلت في إضاءة شجرة الكريسماس، وانطلقت الاحتفالات بالأغاني الفلسطينية والأناشيد ية، بحسب ما رصدت «القاهرة الإخبارية» في تقرير مصور.
عام من الحزن والكآبة
وعلى غير العادة، أُلغيت كل مظاهر الاحتفال، وفي المقدمة ألغت كنيسة بيت لحم أي مظاهر، بسبب العدوان الوحشي على غزة، والذي بدأ منذ عملية طوفان الأٌقصى في 7 أكتوبر، وراح ضحيته آلاف الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين العزل في قطاع غزة، لتتبدل الفرحة والأضواء بمشاهد الحزن والدمار.