تفصيل التنورة
قصاصات ملونة متناثرة، وأزياء فلكلورية ذات زخارف إسلامية، يتوارى خلفها أثاث الشقة، التى تصدح بموسيقى شرقية ومديح وأشعار.
على حب الفلكلور، اجتمعت أسرة بسيطة تقطن مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، الأب يعزف ألحاناً تراثية، والأم تفصل أزياءً فلكورية، بينما الابنان التوأم يتمايلان فى دوائر منتظمة، ويواصلان تدريبهما على عروض «التنورة»، استعداداً لتقديمها فى محافل مختلفة، محلية ودولية.
صدفة غيرت مسار الأسرة، وفتحت لها باباً من الرزق، يتذكرها رب الأسرة حسن خضر، الموظف بشركة غزل المحلة، والمدرب بفرقة الموسيقى النحاسية، التابعة للشركة: «عندى ولدين توأم حسام وأحمد، بعد ما بخلص شغل كانوا بييجوا معايا المسرح، وينتظروا لحد ما أخلص تدريب مع الفرقة، فى الوقت ده لفت نظر أحمد راقصى التنورة، وبدأ يقلد حركاتهم، لدرجة إنه كان بيلبس خمار والدته، ويلف بيه فى الصالة».
تواصل الأب مع كوادر رقص التنورة فى المسرح التابع للشركة، وأطلعهم على شغف ابنه، فما كان منهم إلا أن حمّسوه على الاهتمام بالصغير، الذى لم يكن وقتها تجاوز الـ13 عاماً، وبدأ يمرنه على يد متخصص لمدد مختلفة ربع ساعة فأكثر.
قرر «حسن» تفصيل تنورة أطفال لابنه «حسام»، وتواصل مع أحد أشهر مصممى التنورة فى القاهرة، والذى لبى طلبه، ثم تواصل مع ترزى متخصص فى أزياء الفنون الشعبية لعمل العباءة ليكتمل الطقم، دون أن يدرى ما يخبئه له القدر: «بعد ما تسلمتها فوجئت إنها ضيقة، وكان الترزى سافر مطروح، فقررت زوجتى تفصيل العباية، خاصة أنها خريجة معهد تفصيل».
اشترى «حسام» قطعة قماش بيضاء، وأخذ الوالدان يفصلان العباءة، ويزينانها ببعض الإكسسوارات، وبمجرد أن ارتداها الابن، وقدم بها عرضاً، لفت أنظار الجميع، وسأله مدربه من أين اشتراها؟ ليجيب «حسام» بعفوية: «بابا وماما فصّلوها»، الحوار الذى كان بمثابة «وش السعد» على الأسرة، حيث طلب منه تفصيل 5 عباءات، ثم توالت الطلبيات.
اكتساب مهارة التفصيل
بمجرد أن شعر الأب أن المشروع يتوسع والرزق يزداد، كان لزاماً عليه اكتساب مهارة أخرى فى التفصيل، وهى تصميم وقص «الباترون»، فالتحق بدورة تدريبية ينظمها قسم التدريب المهنى بالشركة، ليتطور مشروع الزوجان، ويطوران من أزيائهما، فلا تقتصر على العباءة أو البذلة التى يرتديها الراقص أسفل التنورة، إنما مختلف الأزياء الفلكورية الهندية واللبنانية والسورية وغيرها.
«حسام يبحث على الإنترنت ويختار التصميم، ونعمل الإكسسوارات ونقصّها بماكينة ليزر، وأنا أعمل الباترون، ومن بعدى زوجتى تفصّل الزى»، يقولها «حسن»، الذى لم يتخلَّ عن شغفه الأول كعازف على آلة الترومبيت: «من صغرى بلعب فنون شعبية، وبعشق الموسيقى العسكرية، ولما اشتغلت فى الشركة، طلبت الانضمام لفرقة الموسيقى النحاسية، وطورت من نفسى، لحد ما بقيت نائب مدير الفرقة».
سعر التنورة
يستيقظ «حسن» مبكراً، ويتوجه إلى الشركة، وبمجرد الانتهاء من العمل فى الثالثة والنصف عصراً، يتوجه إلى المسرح للتدريب مع الفرقة لمدة ساعة تقريباً، بعدها يتوجه للمنزل، لبدء مهمة أخرى: «تفصيل عباية التنورة بياخد أسبوع تقريباً، وسعرها يتراوح بين 300 و500 جنيه، حسب التصميم».
اكتملت الصورة جمالاً بتعلُّم «أحمد» رقص التنورة، حيث كان يرافق شقيقه «حسام» فى العروض المختلفة، ليساعده ويدعمه، ثم تطور الأمر وشعر برغبه فى تعلُّم الرقص، ولم يتردد «حسام» فى تعليمه جميع أسرار ومهارات المهنة، ليقدما معاً العروض المختلفة، ويحلمان الآن بتطوير المهنة وحصد شهرة واسعة داخل مصر وخارجها.