على عجلاته الثلاث، جاب مدينة بهتيم وضواحيها، متكئا على عجلة القيادة الضعيفة، منذ أكثر من 7 أعوام، ما ضاعف آلام ظهره، لتزداد حدتها وحاجته الماسة لإجراء عمليات جراحة بالفقرات والغضاريف، لكنه تجاهلها حتى يستمر في عمله، لأجل طفلتيه، لتأتي الرياح بما لا يشتهي الأب الثلاثيني، ليحترق الـ«توك توك» الخاص به، الذي كان مصدر رزقه الوحيد.
أقرأ أيضا.. «توك توك».. كلب ضال بـ3 أقدام وصاحب جراج: محتاج طرف صناعي
«سيد» من مبيض محارة لسائق توك توك: الرزق يحب الخفية.. وأعاني من أمراض بالظهر
سيد أحمد غريب، أب ثلاثيني، لم يتمكن من إنهاء تعليمه بالجامعة العمالية، ليسارع من أجل حماية مستقبل أسرته، فعمل بين الكثير من الحرف، كعامل بناء ومبيض محارة، لاعتباره أن «الرزق يحب الخفية»، ولكنه أصيب بأمراض خطيرة في الظهر، وتحديدا الفقرات والغضاريف، ما يحتاج لعمليات باهظة التكاليف، قرر تجاهلها وأن يتركها للزمن لمداوتها.
في 2014، قرر غريب أن يضع «تحويشة عمره» في «توك توك» ليتمكن من العمل وحصد أرباح أكبر لأجل طفلتيه التي تنتظر أكبرهن الالتحاق بالمدرسة الابتدائية هذا العام، ليجوب جميع أطراف منطقة بهتيم والأطراف المحيطة بها، منذ الساعة السادسة صباحا، وحتى منتصف الليل، فلم يدخل منزله سوى للصلاة أو الطعام، على مدار تلك الأعوام.
بسبب ماس كهربي.. النيران تلتهم «توك توك» غريب
قبل يومين انقلب حال الأب الثلاثيني رأسا على عقب، في مشهد مازال مطبوعا في ذاكرته أتلف أعصابه، يحاول سرد تفاصيله، رغم معاناته الواضحة من التلعثم بالحديث، قائلا: «كنت بركب زبون ولسه بتحرك لقيت نار ولعت في التوك توك من ورا، حاول اطفيها بالماية لقيتها عماله تكبر، جريت أدور على حد يساعدني بطفاية حريق ملقتش، على ما رجعت كانن النار أكلت التوك توك كله»، لتتسبب تلك اللحظات المريرة في ألم ضخم بأسرة غريب.
حولت النيران «توك توك» غريب إلى قطعة من الصاج، على حد وصفه، وجعلته عاطلا عن العمل، فيحاول البحث عن صاحب وسيلة أخرى يعمل لديه باليومية، بينما تفاقمت على كاهله حاجة أسرته للمال كونه يقيم بمنزل إيجار جديد وآلام ظهره الشديدة، موجها رسالة استغاثة بدعمه لجل علاجه ومحاولة مساعدته في إصلاح التوك توك الذي يحتاج لمبالغ كبيرة حتى يتمكن من العودة للعمل عليه، بقوله: «أنا عامل على باب الله ونفسي استر بيتي بشغلي بس، والحريقة كأنها ولعت في ظهري ورجلي».