«شاهد القبر» الذي تم اكتشافه
بين أكوام من الركام والأحجار التي تخيم على مقابر الإمام الشافعي، وفي جولة لبعض الباحثين الأثريين يوم الخميس الموافق 11 مايو، قادت الصدفة لاكتشاف أثري «شاهد قبر» يتجاوز عمره الـ1100 سنة، في حارة الإمام الشافعي، بعد أن ظل مخفيًا داخل جدار منذ عدة قرون.
«شاهد القبر» يحمل تاريخ 229 هـ
«شاهد القبر» الذي يحمل تاريخ 229 هـجريا، تم اكتشافه بالصدفة أثناء جولة داخل مقابر الإمام الشافعي بعد أن لاحظ الباحثون جدار مهدم داخل قبر قديم في أحد زوايا الحوش، وعندما أمعنوا النظر بشكل أكثر دقة، وجدوا بعض الحروف الكوفية غير المنقوطة موجودة داخل هذا الجدار.
الباحث الأثري ومؤسس مبادرة شواهد مصر حسام عبدالعظيم، يروي لـ«» كواليس اكتشاف هذا الشاهد النادر، مؤكدًا أنّ الشاهد كان في حالة ممتازة خاليًا من أي خدوش، مصنوع من الرخام الأبيض ومنقوش عليه نقشًا غائرًا يسيرًا، ويحمل 15 سطرًا من الخط الكوفي المورق غير المنقوط -أي قبل كتابة النقط على الحروف، وتبلغ أبعاده 61×28 سم، عُثر عليه في قلب جدار مستخدمًا كحجر لبناء سور حديث باستخدام الأسمنت والطوب الأحمر.
اكتشاف شاهد القبر يأتي ضمن مبادرة أسسها حسام عبدالعظيم، لتوثيق وإنقاذ الآثار غير المسجلة في حيز مشروع توسعة طريق صلاح سالم، منذ أكثر من عام ونصف العام تحت مظلة مبادرة شواهد مصر، مؤكدًا أنّ هذه المبادرة لا تتعارض مع المشروعات القومية للدولة، ولكنها تهدف إلى توثيق وإنقاذ هذه الآثار قبل أن تتعرض لأي ضياع أو تلف، يقول «حسام»، «الشاهد ده مش أول حاجة، احنا سلمنا قبل كده شواهد قبور أخرى من القرن الـ19 سلمناها للمجلس الأعلى للآثار للحفاظ عليها».
«شاهد القبر» الذي يبلغ عمره أكثر من 1170 عامًا، ساعد في قرائته الدكتور فرج الحسيني أستاذ الكتابات والنقوش الأثرية، الذي يقول إنّ صاحبة القبر هي سيدة عاشت في الفسطاط -عاصمة مصر آنذاك- إبان القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، تُدعى أُمامَة ابنة محمد بن يحيي بن خُلد بن يحيي، وتوفيت في 10 ذي الحجة سنة 229 هجرية، الموافق 2 من سبتمبر سنة 844 ميلادية، ودفنت بالقرب من الإمامين الليث بن سعد ومحمد بن إدريس الشافعي والسيدة نفيسة رضي الله عنهم أجمعين.
ونجح فريق الباحثين في استخراج الشاهد الأثري قطعة واحدة دون خدوش أو كسور، ونظرًا لوجود الشاهد في قلب الجدار، تسبب الأسمنت المستخدم في إخفاء جزء من النص المكتوب مثل تاريخ الوفاة، ما استوجب عملية تنظيف شاملة للأحرف للتخلص من كافة الشوائب، «احنا عملنا الأول تنضيف أولي عشان نتخلص من كل الشوائب، وبعدين يوم السبت اشتغلت عليه 6 ساعات تنضيف لقراءة النص كاملا والتأكد من تأريخه».
تسليم الشاهد إلى الجهات الرسمية
وبمجرد العثور على الشاهد، تم تبليغ وزارة السياحة والآثار ممثلة في الدكتور أبو بكر أحمد رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، وتم تسليمه بعد ذلك لمدير عام آثار منطقة الإمام الشافعي الأستاذة رانيا الشيوي، بحسب حسام عبدالعظيم، «دكتور أبو بكر رحب جدًا مع إن الأثر غير مسجل لكنه رحب أنه يستقبله ويحافظ عليه، لأنّه اكتشاف نادر مش موجود منه كتير، وله أهمية كبيرة جدًا، ونرجو أنّ يتم عرضه في متحف يليق بتاريخه».
ويقول «حسام» المتخصص في الآثار المصرية، والعضو المتطوع في أعمال حفائر أبو الهول، إنّه شارك في مشروع لتنظيف الآثار بالتعاون الرسمي من وزارة السياحة والآثار المصرية، ونجح في تنظيف 11 أثرًا في 14 يومًا خلال عاملين، كانت تحمل حوالي 30 طنًا من الترديم والمخلفات، «احنا ماشيين خطوة بخطوة عشان نتتبع الآثار في المنطقة اللي فيها إزالات وبننزل بنفنسا، ونبدأ ننتشر عشان لو لقينا أي آثار غير مسجلة ننقذها قبل ما يحصل فيها حاجة، وحاليًا شغالين في منطقة الإمامين ومنطقة السيدة نفيسة».
وأوضح الباحث الآثري أن الشاهد جاءت عليه العبارات التالية:
1- بسم الله الرحمن الرحيم.
2- الله لا إله إلا هو.
3- الحي القيوم هو الحي.
4- لا إله إلا هو فادعوه.
5- مخلصين له الدين الحمد.
6- لله رب العلمين وهو.
7- الله لا إله إلا هو وله.
8- الحمد في الأولى.
9- والآخرة وله الحكم.
10- وإليه ترجعون هذا
11- قبر أمامة ابنت محمد
12- بن يحيي بن خلد بن يحيي
13- توفيت يوم الجمعة لعشر ليا
14- ل خلون من ذي الحجة سنة تسع
15- وعشرين ومائتين
لجنة علمية مشكلة لتوثيق الشاهد
الدكتور أبو بكر أحمد رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، يقول في تصريحات خاصة لـ«»، إنّه بالفعل جرى استلام هذا الشاهد الذي يبلغ عمره 11 قرنًا، كغيره من الاكتشافات التي يُجرى تسليمها باستمرار للمجلس الأعلى الآثار، موضحًا «احنا دايمًا بنستلم اكتشافات زي كده، ولما بنجد أنّها ذات قيمة تاريخية برغم أنّها مش مسجلة آثار بناخدها ونحافظ عليها عشان نعملها توثيق كامل».
وأضاف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، أنّه من المقرر تشكيل لجنة علمية للبحث في الشاهد الذي اكتشفه الباحثون يوم الخميس الماضي، وعلى حسب قيمته العلمية يتم تصنيف الاكتشاف سواء تراث أو أثر.