كلمات مثيرة للجدل تغنّت بها المطربة روبي ضمن أغنيتها الجديدة التي طرحتها قبل أيام، إلا أنّها تخطت الربع مليون مشاهدة بعد 24 ساعة من طرحها، ووضعت المطربة الشابة في أزمة قد وقع بها من قبل كبار فنانيّ الزمن الجميل، الذين تغنّوا أيضًا بما عرف حينها بـ«الهنك والرنك»، مثل كوكب الشرق أم كلثوم التي غنت في بداية مشوارها لـ«الخلاعة والدلاعة»، في حين تغزّل الموسيقار محمد عبد الوهاب، يومًا فى «الكوتشينة»، فيما دللَ الشيخ سيد درويش، الشمبانيا بأغنيته «شمبانيا يا سُلطانة الخمرة».
ما هو مصطلح «الهنك والرنك»؟
مصطلح «الهنك والرنك» بحسب كتاب «أم كلثوم وحكام مصر» الذي ألّفه سعيد الشحات، جرى إطلاقه على ما يعرف بـ«الميوعة والطراوة» في الغناء، وهي الطريقة التي ابتكرها محمد عثمان منذ أيام الخديوي إسماعيل وحفلاته الباذخة، إذ يقضي المغني حوالي 10 ساعات متتالية وهو يتلاعب بصوته مرددًا جملة أو شطرًا من قصيدة، وكانت منيرة المهدية تثير حواس المستمعين ببحة في صوتها تشبه بحة الأغاني التي يغنيها الأمريكيون اليوم في أغانيهم الراقصة.
وسيم عفيفي، الباحث في التراث ورئيس تحرير موقع تراثيات، يقول خلال حديثه لـ«»، إنّ أغاني الهنك والرنك التي انتشرت في عشرينيات القرن الماضي، كانت كلماتها شديدة الفجاجة، إذ ساعد على نشأة مثل هذه الأغاني وقوع الدولة تحت وطأة الاحتلال الإنجليزي، وكانت لغة الأغاني «الهابطة أو الخليعة» هي اللغة السائدة وقتها نظرًا لتردد جنود الإنجليز على صالات الأغاني والرقص وما شابه.
وأضاف الباحث في التراث أنّ من بين الأغاني التي تندرج تحت مصطلح «الهنك والرنك» أغنية «الدنيا سيجارة وكاس» لـ محمد عبدالوهاب، و«الخلاعة مذهبي» لكوكب الشرق أم كلثوم، وما تغنّت به منيرة المهدية قائلة «بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة.. انسى اللي فات وتعالى بات ليلة التلات»، مؤكدًا أنّ مثل هذه الأغاني لم تدُم طويلًا: «على مدار تاريخ الغنا كان فيه أغاني فيها إسفاف لكنها كان بتتقاوم بأغاني أخرى ذات معنى سواء وطنية أو رومانسية».
اندثار أغاني «الهنك والرنك» كان سببه ظهور جديد من الشعراء والملحنين فـ محوا بأغنياتهم ما سبقتها من أغنيات، يقول «عفيفي»: «عبدالوهاب اللي عمل أغنية الدنيا سيجارة وكاس هو نفسه اللي عمل بعد كده أغاني رومانسية ووطنية، وأم كلثوم نفس النظام، فـ الشئ الكويس محى القديم خالص، ومكانتش هتنتهي غير بـ كده».
أغاني الهنك والرنك
ومن بين الأغاني التي انتشرت في هذه الحقبة، أغنية «الدنيا سيجارة وكاس» للموسيقار محمد عبدالوهاب التي تغنّى بها عندما كان نقيبًا للموسيقيين عام 1951، من كلمات الشاعر حسين السيد، وتقول كلماتها: «الدنيا سيجارة وكاس للي هجروه الناس.. يا ويل اللي مالوهوش كاس.. آه يا ويله»
أما كوكب الشرق أم كلثوم تقول في الأغنية التي تغنّت بها عام 1926: «الخلاعة والدلاعة مذهبي، من زمان أهوى صفاها والنبي»، وكانت من ألحان الدكتور صبري النجريدي، وتعرضت حينها أم كلثوم للعديد من الانتقادات التي دفعتها إلى سحب الأسطوانات من السوق، لتعود وتتغنّى بها مرة أخرى بعد أن قام أحمد رامي بإجراء تعديلًا على الكلمات، فأصبح مطلعها «الخفافة واللطافة مذهبي من زمان».
«هات القزازة واقعد لاعبنى، دى المزّه طازة والحال عاجبنى»، هو مطلع أغنية شهيرة للمطربة نعيمة المصرية، والتي اشتهرت بالغناء في مصر في أوائل العشرينيات وكان لها مسرح خاص بها يطلق عليه «مسرح الهامبرا».
أما فنان الشعب سيد درويش قدّم أغنية بعنوان «اشمعنى يا نخ الكوكايين كخ» من كلمات بديع خيري وغنّتها منيرة المهدية، وتقول كلماتها: «اشمعنى يا نخ، الكوكايين كخ، دا أكل المخ هلكنا، اعمله على غيرنا، رايح لى تطخ، وجاى تبخ، شطب، هو أنت شريكنا حتى فى مناخيرنا، إيش عرفك أنت يا دونكى، المدعوقة دي بخنفتها، بتكلفنى كوكايين كام فى ليلتها».
وقدم سيد درويش أيضًا أغنيته الشهيرة «التحفجية» أو «الحشاشين» والتي جرى تقديمها في إحدى مسرحيات نجيب الريحاني عام 1919، وتقول كلماتها: «يا ما شاء الله ع التحفجية.. أهل اللطافة والمفهومية.. اجعلها ليلة مملكة يا كريم.. ده الكيف مزاجه إذا تسلطن.. أخوك ساعتها يحن شوقا.. إلى حشيشي ميتى ميشي.. اسأل مجرب زي حالاتي.. حشاش قراري يسفخ يوماتي».
المطربة رتيبة أحمد التي كانت من أبرز المغنيات في فترة العشرينيات، أطلق عليها مطربة «الدحة والكخة»، بعدما قالت في إحدى أغنياتها «أنا لسه نونو فى الحب بونو، الحُب دح دح والهجر كُخ كُخ»، ولم يمنعها من ذلك نشأتها الدينية، فهي ابنة الشيخ أحمد الحمزاوى، المُبتهل والمُنشد.
«ارخي الستارة اللي ف ريحنا أحسن جيرانك تجرحنا يا مبسوطين يا مزقططين يا مفرفشين أوي ياحنا»، هي الأغنية التي تغنّت بها منيرة المهدية، وكانت من ألحان الشيخ زكريا أحمد، وجرى تسجيلها على اسطوانات «بيضافون»، وقدّمتها بعدها «نعيمة المصرية»، ومن بعدها قدمها المطرب الشهير «عبداللطيف البنا».