| «الزمن غدار».. «فوزي» كان موظف بقى شيال بالأجرة في شوارع العتبة

«دع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفسًا إذا حكم القضاء، ولا تجزع لحادثة اللّيالي، فما لحوادث الدّنيا بقاء، وكن رجلًا على الأهوال جلدا وشيمتك السّماحة والوفاء»، أبيات من الشعر منسوبة للإمام الشافعي، قيلت قبل مئات السنوات، ولكنها تصف حكاية فوزي غانم، وكأنها ألفت خصيصًا له بعدما جار عليه الزمن وحوله من مندوب مبيعات إلى شيال بالأجرة بشوارع منطقة العتبة.

فوزي غانم، يبلغ من العمر 57 عاما، وظل لسنوات يعمل مندوب مبيعات بإحدى الشركات قبل أن يتم تصفيتها في عام 2009 ويجبر على المعاش المبكر، الذي لا يكفي احتياجاته هو وزوجته: «حاولت بعدها ألاقي أي شغل يسند مع المعاش، لفيت على شركات كتير، وكلهم كان ردهم واحد، أنت كبير في السن، ومحتاجين شباب مش عواجيز».

«فوزي» شيال بالأجرة بشوارع العتبة

وأمام هذا الرفض، لم يستسلم الموظف السابق، ولجأ إلى العمل كشيال بالأجرة بشوارع منطقة العتبة: «ملقتيش قدامي غير الشغلانة دي، وكان لازم أرضي بيها، اللي زي اتعود على الشغل وميعرفشي قعدة القهوة، اشتريت العجلة دي من شخص كان عارضها للبيع، ومن يومها وأنا بسترزق من عليها».

يمارس «فوزي» مهنة الشيال لأكثر من 10 سنوات

لعشر سنوات وأكثر يمارس «فوزي»، مهنة الشيال بكل صبر ورضا، وكأنه يعافر مع الزمن في حلبة مصارعة، كل منهما يحاول أن يثبت للآخر أنه الأقوى والأحق بالفوز والانتصار بتلك المباراة: «بخرج 10 الصبح، وبفضل في الشوارع لحد 11 بالليل وأحيانا أكتر، بلف على محلات الأجهزة الكهربائية بالعجلة بتاعتي، واللي عايز ينقل حاجة بشيلها على العجلة وبنقالهاله».

الموظف السابق، يعيش رفقة زوجته بمنطقة منشية ناصر بمحافظة القاهرة، ولديه ثلاثة أولاد، كل منهما متزوج ومسؤول عن أسرة كاملة حاليًا: «عيالي كل واحد وراه زوجة وعيال مربوطين في رقبته، الله يعينهم على حالهم، وأنا كمان بسعى عشان زوجتي المسؤولة مني».

«فوزي» محتاج وظيفة تناسب سني

لا يرغب «فوزي» إلا في وظيفة تناسب تقدمه بالعمر، وترحمه من هذا الشقاء اليومي المجبر عليه، مثلما أجبر قبل سنوات على المعاش المبكر: «مش عايز غير وظيفة ترحمني من التعب واللف في الشوارع، ونفسي الشركات تفهم، إن السن ملوش علاقة بالاجتهاد في الشغل، أدوا فرصة لكل الناس تشتغل، كبار السن كتير والحياة صعبة».