| المهندس ياسر.. راح يصيف فتركه أهله مشردا بالإسكندرية: قاعد يرسم ويكتب

في إحدى حدائق منطقة العجمي بالإسكندرية، تجده يجلس شاردًا يفكر في حاله، ويده بها قلم رصاص وورقة بيضاء، يرسم مشهدًا في مخيلته ليعبر عن ما بداخله، وأحيانًا يقرأ كتابًا ليثقف نفسه، ويتغير الشيء الذي يفعله طوال اليوم، لكن الشجرة التي يعيش تحتها لا تتغير أبدًا، والغريب في الأمر بسمته ورضا النفس الذي يظهر على ملامح وجهه التي جرى عليها الزمن.

ياسر فاروق، مهندس زراعي خرج على المعاش منذ عامين، عمره 62 عامًا، كان يعيش في منطقة حدائق المعادي بالقاهرة، حيث مكان شقته التي يملكها حتى الآن، لكنه لا يقدر على الذهاب إليها حاليًا.

يحكي «ياسر» لـ«»، أنه قصته بدأت في صيف 2020، عندما جاء إلى الإسكندرية رفقة عائلته، التي تضم شقيقه طبيب الأسنان وأبناءه، ليقضوا أوقاتًا على شاطئ البحر هاربين من الطقس الحار، واستأجروا شقة في منطقة العجمي، وبعد عدة أيام تركته العائلة بأكلمها ليبقى وحيدًا، مضيفًا: «أخويا قالي إنت بقالك كتير مصيفتش عشان كدة لازم تقعد في الإسكندرية الفترة دي، وإحنا هنرجع القاهرة».

طرد المهندس من شقة المصيف

عاش «ياسر» في الشقة عدة أشهر، حتى انتهى عقد الإيجار منذ 3 أشهر، وطرد من البيت للشارع، ولا يملك هاتفًا ليتواصل به مع شقيقه ليأخذه للقاهرة، ووقتها كان لا يملك أموالاً، وعرف شقيقه الطبيب بأمر طرده وحياته في الشارع، ويرسل له كل شهر مبلغًا بسيطًا عن طريق وسيط، يأتي أحيانًا إلى مكان جلوسه ويعطيه بعض الأشياء، حيث يعمل لدى شقيقه.

المهندس يمتلك شقة في حدائق المعادي

«عندي شقة في حدايق المعادي، سبتها لابن أخويا يتجوز فيه وأجرت برة، وأخويا طلب مني أتنازله عنها بس قولتله مش مستاهلة، هي كدة كدة مش معايا وأنا مش هقعد فيها»، هكذا كانت عفوية «ياسر» في حديثه، مؤكدًا حبه الشديد لشقيقه، رغم أنه خرج على المعاش ويتقاضى 1200 جنيه، ويتقاسمها مع شقيقه غير المحتاج لها، مضيفًا: «أخويا ده أنا بحبه جدا عشان كدة قسمت بينه وبيني المعاش، وبقى هو ياخد 600 وأنا 600، بس دلوقتي مبيبعتهمش كلهم، ممكن يبعت 200 ولا حاجة لما أحاول أكلمه».

الأهالي: مبياخدش فلوس من حد

ثقافة المهندس الذي يتحدث باللغة الإنجليزية والفرنسية، أثارت الدهشة لدى الأهالي، الذين بادروا بإعطائه الطعام والماء، فبحسب آلاء صلاح، أحد سكان المنطقة الموجود فيها «ياسر»، فهو لا يأخذ أمولاً من أحد، ولا يطلب الطعام والشراب حتى لو مات جوعًا، ويقضي يومه بين الكتابة والرسم، مضيفة: «هو تعبان نفسيا لكن عاقل وفاهم كل حاجة وزكي، بس اتبهدل جدًا من القاعدة في الشارع ومش قادر يرجع بيته تاني، عشان خايف من منظر هدومه المتبهدلة، ومعاه رقم تليفون الشخص الوسيط اللي بيبعتله الفلوس، بيكلمه من موبايلات الجيران».