في السادسة صباحًا، يقف الحاج «محمود» برفقة ابنتيه «ذكية وبهية»، إلى جانب طاولة خشبية على أحد أرصفة حي الدقي، يفترش عليها الإصدارات المختلفة، ويردد بعزة نفس: «أنا بياع جرايد من أيام الملك فاروق، دي فرشتي من أيام ما كان الجورنال بتلاتة تعريفة، والرجل رايحة جاية عليّا».
محمود راشد، وشهرته «الإكس»، 86 عامًا، يحكى لـ«» قصته مع الجرائد منذ أربعينات القرن الماضي إلى الآن: «عاصرت أيام الملك فاروق ومحمد نجيب والسادات وعبد الناصر ومبارك، يعني عشت الحياة على مختلف أشكالها، اتجوزت 4 مرات، وخلفت 10 عيال، 7 بنات و3 رجالة، كلهم اتجوزوا ما عدا البنتين دول ذكية وبهية، بتونس بيهم لحد ما يجيلهم ولاد الحلال».
ويتذكر بائع الجرائد حال المهنة في السابق، قائلاً: «قبل ما يطلع النت ما كانش فيه طريقة للناس تتابع بيها الأخبار غير الجرايد، كانوا بيقفوا طوابير عليّا من 7 الصبح، عشان يلحقوا ياخدوا نسخة».
موقف غريب تعرض له «محمود»
يروى الحاج «محمود» تعرضه ذات مرة لموقف غريب: «بحب شغلانتي وبمارسها بقالي زمن، بس جيت من فترة لغيت اشتراكي مع مؤسسة صحفية عشان حصل غلطة، كان فيه واحد اسمه مشابه لاسمي، ولما توفى صرفوا لأهله مبلغ التأمين كأنه أنا، ولما رُحت عشان آخد فلوسي قالوا لي أنت المفروض توفيت وأخدت فلوسك، فقلت عليه العوض».
محمود: عيالي بيساعدوني في بيع الجرائد
تتولى ابنتا الحاج «محمود» خدمته، سواء فى العمل أو البيت: «عيالى كلهم اتجوزوا ما عدا ذكية وبهية، هما توأم وآخر العنقود، بيساعدونى فى الجرايد الصبح، وبعد كده يروحوا شغلهم الإضافى فى مصنع ملابس، عشان كل واحدة بتجهز نفسها».
فيما تروي ابنته «ذكية» عن يومها: «بجيب الجرايد أنا وبهية من 6 الصبح، ونوزعها على الشركات والشقق، ونفرش شغل أبويا، وبعد كده هو بييجي يقعد لحد الضهر لحد ما الجرايد اللي معاه تخلص ويروح البيت، ونروح إحنا على شغلنا، إحنا كنا بنكتفي بشغلانة الجرايد مع أبويا، لأن زمان ما كانش فيه مواقع، وكان الناس بيقفوا طوابير قدامنا كأننا بنبيع لحمة».