كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة والنصف مساءً، حين ناشدت إحدى الفتيات الفلسطينيات وتدعى «دعاء»، صديقتها «غيداء» بسرعة إنقاذها، وذلك عبر رسالة نصية قصيرة مبكية تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لتكون هي وسيلة التواصل الوحيدة لمن هم تحت الأنقاض، بعد قصف إسرائيل المتواصل على قطاع غزة، ولتكن شاهدة أيضًا على الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين العُزل والأطفال الأبرياء.
رسائل أهالي غزة من تحت الأنقاض
«غيداء إحنا تحت الأنقاض، ومعي جوالي مفيش حد إجا يطلعنا، وقاعدة بصوت ومعرفش الباقيين عايشين إزاي»، رسالة استغاثة وجهتها «دعاء» إلى صديقتها «غيداء» من أسفل أنقاض منزلها التي قصفته إسرائيل بالقذائف في غزة ضمن مئات المنازل الخاصة بالمدنيين، لتلقى انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط دعواد الرواد لأهل فلسطين بالسلامة والنجاة، لكن أحد لم يستطع الوصول إلى الفتاة بحسب وسائل إعلام فلسطينية.
لحظات وربما ساعات عاشتها الفتاة الفلسطينية تحت الأنقاض كغيرها من مئات السيدات والأطفال الذين تتعرض منازلهم للقصف، لكن رسالة «دعاء»، كان لها وقعا مختلفا لدى المواطنين، حيث عبرت عن خوفها من أسفل الأنقاض: «ما حاسة بشيء، بس بحضني ليال فوقي حجارة وبس».
لم تكن رسالة «دعاء وحدها»، التي انتشرت لمواطنين تحت الأنقاض، فالكثير من أهالي غزة لم يعد لديهم وسيلة تواصل مع ذويهم المفقودين، وفي ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت لم يتبق لهم سوى الاستغاثة عبر الرسائيل النصية القصيرة حال تواجد شبكة في هواتفهم المحمولة، من بينهم محمود شلبي المسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية الفلسطينية، الذي أرسل رسالة مبكية لزملائه قبل 3 أيام، يستغيث فيها من أسفل أنقاض منزله بعد قصفه، لتكن هي الأخرى شاهدة على الجرائم الكارثية التي ترتكيها إسرائيل بحق المدنيين في فلسطين.
استغاثات أهالي غزة من أسفل الأنقاض
«أسجّل هذه الرسالة التي قد تكون الأخيرة، على رغم أنني آمل ألا تكون كذلك»، تلك كانت رسالة «محمود»، لأصحابه، خوفا من استشهاده أو فقدان الاتصال بذويه بعد قصف منزله، لتلقى رسالته أيضا انتشارا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبحسب وسائل إعلام فلسطينية فإن «محمود»، جرى إخراجه من أسفل الأنقاض بعد عدة ساعات.
«لن أترك منزلي.. سأموت واقفا، مجرد وجودي على هذه الأرض هو فعل مقاومة»، كلمات عبر بها المسؤول في إحدى الجمعيات الخيرية الفلسطينية، عن صموده ومقاومته لقوات الاحتلال الغاشم، مؤكدا على أنه لن يترك منزله ولا أرضه ولو كان الثمن حياته، وهو كغيره من الفلسطينيين الذين يستيقظون من النوم على أصوات انطلاق صواريخ إسرائيل.
صعوبة وصول أهالي غزة لأهاليهم المفقودين
«الوضع كتير صعب، أكبر من قدرتنا على التحمل، كل يوم بيزيد صعوبة وتعقيد وخوف، قربت أكتب يومياتي مع العدوان كنوع من التفريغ، لعل وعسى يخفف الضغط النفسي اللي جوانا»، كانت رسالة فتاة فلسطينية أيضا لصديقتها رولا أبو هاشم، ربما أرسلتها الفتاة تحت وقع الصواريخ التي تحاوطها من كل اتجاه في قطاع غزة.
آلام كثيرة يواجهها المواطنون الفلسطينيون وخاصة الذين يعيشون داخل قطاع غزة، وذلك منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وبحسب إحصائية وزارة الصحة الفلسطينية، فإن غزة تعرضت لـ597 مجزرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي خلفت قرابة الـ6 آلاف شهيد وأكثر من 15 ألف جريح.