«سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ»، يقولها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، تحديدا سورة القصص، في إشارة إلى أن معاونة وتقوية الإنسان بأخيه، هكذا كان حال مصطفى وأخويه، حيث نشأ الثلاثة في ظروف صعبة، حفزت شعورهم بالمسؤولية تجاه أسرتهم، لتتكون داخلهم عقيدة راسخة، أساسها أنه بالعمل فقط يمكن تحقيق الأحلام والأمنيات، التي لم تكن تتخطى في بداية رحلتهم أكثر من إيجاد قوت يومهم وسبل العيش.
ورشة حدادة صغيرة
كان مصطفى، الأخ الأصغر بين أخوته الثلاثة، يبلغ من العمر 11 عاما، حينما جلس وسط أخويه الكبيرين، البالغين من العمر 27 عاما، و19 عامًا، يخططون ويضعون لبنة مشروعهم الأول، الذي لم يكن سوى ورشة صغيرة متر في متر ونصف، خصصت لأعمال مهنة الحدادة، التي ورثوها من والدهم، إذ أكتفى الأخ الأكبر بشهادة الدبلوم بالكهرباء، بينما لم يكمل مصطفى تعليمه بالمرحلة الإعدادية.
تطوير المهارت وتعلم الإنجليزية
رغبة شديدة في النجاح دفعت الأخوة الثلاثة لتطوير أنفسهم بسرعة كبيرة، متخطين عديد من الشباب الحاصلين على أعلى الشهادات، وفقًا لحديث مصطفى سعيد لـ«»، لتبدأ ورشة الحدادة في الحصول على شهرة واسعة، خاصة مع مهارة الأخ الأوسط، الذي أتقن مهنة الحدادة من والدهم.
يقول مصطفى: «بدأت صبي حدادة، وخرجت من الإعدادية، بس بتكلم إنجليزي كويس جدا، وبشتغل على 8 برامج رسم هندسي، وبشتغل على ماكينات اسينسو والكنترولات، وبصمم فيلات ومطاعم وكافيهات ومعارض، إضافة لمساعد طلاب الهندسة والفنون التطبيقية في مشروعات التخرج، منها مشروع حصل على المركزالثالث عالميًا باحدى المسابقات العلمية، فضلًا عن مشاركتي بتصميمات مؤتمر المناخ cop27، وكنت مطلوب بالاسم».
نجاحنا بتوفيق ربنا.. مش شطارة مننا
حقق مصطفى وأخويه، معادلة النجاح بوضع وقتهم وجهدهم وإخلاصهم للعمل في مشروعهم، لتتحول الورشة الصغيرة بالمنطقة الشعبية إلى أكبر مصنع لتصنيع الأثاث المعدن بإحدى المدن الصناعية لتكنولوجيا وتشكيل المعادن: «الحمد لله كله كان توفيق من ربنا المصنع كبر، والشغل كبر ومحافظ على شغل الديكور كهواية».
يضيف الأخ الأصغر: «مكانش عندنا رفاهية تضيع الوقت على الإنترنت ومكانش معانا تمن كوباية الشاي على القهوة، اتولدنا في بيئة ضعيفة الإمكانات المادية، وكنا ساكنين في منطقة شعبية بالخصوص، حرفيا مكناش لاقين ناكل، اشتغلنا وشقينا وتعبنا، هو كله توفيق من عند ربنا، مش شطارة مننا، إحنا ظننا في ربنا كان كبير».
تحقيق الحلم
جنا الأخوة الثلاثة ثمار العرق والجهد وببركة دعاء والديهم، إذ تمكنوا من تحقيق رغد العيش، بعد اتساع مصنعهم الذي أصبح يتضمن أكثر من 40 عاملا، ويعد رقما كبيرا، خاصة أن معظم مراحل الإنتاج تتم بواسطة التكنولوجيا والكمبيوتر، ويقتصر دور العمالة على التصميمات اليدوية وسائقي شاحنات النقل، وأصبح مصطفى يمارس هوايته في السفر والترحال والالتحاق بالمعسكرات.
وتمكن أخواه، من شراء السيارات الفارهة والعيش برغد، «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ، وحقيقي ربنا كرمنا كتير، وبقيت بسافر دهب وجنوب سيناء ونويبع وطابا، وبقى عندنا عربيات فارهة وموتوسيكلات سباق، ربنا عوضنا عن الأيام الصعبة».
تحدي الصعوبات
عن الصعوبات يروي مصطفى: «لما حبينا نشتري ماكينة جديدة، بعنا هدومنا وبعينا اللي ورانا واللي قدامنا لما حبينا نطور الشغل، بيعنا كل حاجة وعملنا جمعية، ولما بدأنا نشتري أول عربية في 2009، كنا بنستلف من طوب الأرض، ورجعنا بعناها في 2012، ودخلنا جمعية واستلفنا عشان نكمل تمن الماكينة، عشان نطور الشغل ويبقى بالكمبيوتر».
آمال وطموحات للمستقبل
وعن أحلام مصطفى وأخويه، قالإنه يحلم بأن يصبح لكل منهم مصنع خاص به، خاصة أن أخيه الكبير يحلم باقتناء مصنع لقطع غيار السيارات، يوفر به اكتفاء ذاتي لمصر لمدة 5 سنوات، وما يزال يدرس المشروع منذ 3 سنوات، كما أن تصدير منتجاتهم يخضع للدراسة بعد تلقيهم عرضت من إحدى الدول العربية.