للوهلة الأولى ترى عبارة «هنا يجلس بيكاسو» مدونة على الحائط يجلس أسفل منها رجل يرتدي جلبابا صعيديا ممسكا بقطعة من الحجر ينحت فيها بدقة، فيتبادر إلى ذهنك سؤالا لماذا «بيكاسو» بالتحديد، بالطبع هذا أول سؤال يسأله أي سائح يرى تلك العبارة في مصنع سخمت للألباستر، ليذهب على الفور للتعرف إلى ذلك الشخص، وهنا تكمن المفاجأة إنه بالفعل «بيكاسو»، لكنه «بيكاسو القرنة» النسخة الصعيدي الذي يبدع في نحت اللوحات الفرعونية بدقة بالغة تجعل منه فنانا يستحق هذا اللقب.
لقب «بيكاسو» كان وليد الصدفة
يقول بدوي طايع، 45 عاما، إنه يعمل في هذا مجال النحت منذ أكثر من 30 عاما، وتعلمها من شقيقه الأكبر حينما كان عمره 14 عاما، حيث كانت في البداية هواية لكن مع الوقت تحولت لمهنة يتكسب منها قوت يومه.
يضيف «طايع»، أن لقب «بيكاسو» كان وليد الصدفة، حينما شاهد أحد السائحين إحدى لوحاته، فقال له إنه يشبه الفنان العالمي بيكاسو في إبداعه وفنه، ومنذ ذلك الوقت صار لقبا: «السائحون عندما يرون عبارة (هنا يجلس بيكاسو) يضحكون، لكن عندما يرون أعمالي الفنية، وخاصة لوحة محكمة الموتى وأخناتون وعدد من اللوحات الفرعونية الشهيرة، يندهشون ويؤكدون اللقب».
وراثة المهارة والإبداع من الأجداد
«ابن القرنة» الذي تخصص في نحت اللوحات الفرعونية الصغيرة وتلوينها، يوضح أن الحجر الذي يعمل عليه يتم جلبه من منطقتين هما قرية الحبيل ومركز إسنا جنوبا، حيث يتوفر الحجر الجيري بكثرة، أما الفهي عبارة عن مجموعة أكاسيد يتم خلطها لتتحمل العوامل المناخية لأطول فترة ممكنة، «تزدحم قرية القرنة الأثرية بعشرات مصانع الألباستر، يعمل بها مئات الصنايعية المهرة الذين ورثوا المهارة والإبداع من أجدادهم المصريين القدماء، بشهادة الجميع».