تقول الأساطير الشعبية أن جثة المقتول لا تهدأ، حتى تنتقم من قاتلها، لا تبرد نارها وتظل تهيم حول مكان قتلها، وتحاول أن ترشد المقربون لقاتلها، خاصة لو أخفى القاتل جثتها، تظل هكذا، تظهر للمارة في الطرقات.
أساطير كثيرة أدبية تحدثت من هذا المُنطلق، خاصة قصص الرُعب، ولعل أشهر من استخدم هذة الأسطورة في مؤلفاته هو الراحل أحمد خالد توفيق الذي تخصص في أدب الرعب، وله أسطورة تحمل اسم «إنهم يعودون أحيانًا»، يتحدث فيها عن الموتى العائدين ويقول عنهم: «أنت تعرف هؤلاء الذين يهيمون في الردهات ليلًا، الذين يستحيل أن ترى وجوههم، الذين يمشون في الظلال، الذين لا يستديرون للوراء أبدًا، الذين يختفون فجأة ويعودون من حيث جاءوا».
للجثث رأي آخر
«على مدار عشر سنوات من استنطاق الجثث، هناك جثث تحب البوح وكشف أسرارها، وهناك جثث تفضل الصمت مؤمنة أن دورها انتهى في هذه الحياة، وأن أي طبق شهي للبوح لا يخلو من توابل الرياء، وأن الصمت عن الموت هو أكثر حديثنا صدقًا».
تِلك الكلمات جاءت في كتاب «وللجثث رأي آخر» للطبيب الشرعي المفصول محمد الشيخ والذي عمل لعشرات السنين بمشرحة زينهم، وقرر كشف المستور عن عالم الموتى، ودشن وقتها جروب على فيسبوك يسرد فيه القصص التي شاهدها بنفسه، والتي قرر بعد ذلك تجميعها في كتابه الذي صدر عام 2020، لكنه تعرض بعد ذلك للفصل وتم حبسه في قضايا نصب واحتيال.
لكن يظل السؤال مطروحًا، هل تتحدث الجثث بالفعل؟ بخلاف الطبيب الذي سبق ذكرة، دائمًا ما تؤكد الأعمال الأدبية والدرامية على هذه النظرية، وهو أن الجثث تتحدث بالفعل، وربما تشير لطبيبها الشرعي إلى سبب وسر موتها، ولعل آخر هذه الأعمال الذي يُعرض الآن على منصة watch it وقناة ON، هو مسلسل زينهم، والذي كتبه المؤلف محمد سليمان عبد المالك ويلعب بطولته الفنان أحمد داوود ويشاركه في البطولة كريم قاسم.
الفرق بين العلم والأدب في الطب الشرعي
وفي هذا الصدد أكدت منى الجوهري أستاذ الطب الشرعي في تصريحات خاصة لـ«»، أنه علينا التفريق ما بين الواقع والخيال، وما بين الطب والعلم وما بين أدب الطب الشرعي الموجود منذ زمن بعيد، ودائمًا ما تُحاط المشرحة ومهنة الطب الشرعي بالكثير من الألغاز في هذا الصدد، لكن إن تحدثنا بشكل علمي فكل هذا الكلام خرافات وخيالات ليس أكثر، وقولًا واحدًا مبني على علم وخبرة عشرات السنوات، الموتى لا يتحدثون، ولا يشيرون ولا يتحركون، وكل هذا الكلام خرافات وخيالات، مؤكدة أنه للأسف هناك دائمًا أطباء من داخل المهنة يشردون بخيالهم لكن كل هذه خرافات.