نجوم ونجمات من الزمن الجميل، عشنا معهم أحداثاً مبكية وأخرى مضحكة، ومن الوهلة الأولى نستطيع تمييز أصواتهم من بين آلاف آخرين، وبرحيلهم عن دنيانا افتقدنا ظلهم على الشاشة، لكن تعلمنا منهم الشياكة ولباقة الحديث والرقى والبساطة والحضور، ومن خلال أحاديثهم الصحفية والتليفزيونية، تعرّفنا على هواياتهم وأسلوبهم ونمط حياتهم، حتى غابت أجسادهم تحت التراب، وظلت سيرتهم العطرة وملامحهم محفورة فى الأذهان.
مع بداية عام 2022، زارت «» بيوت فنانى الزمن الجميل، وفتشت عن ذكريات الاحتفال برأس السنة الجديدة والكريسماس، واستمعت إلى حكايات بناتهم وأولادهم، الذين يشعرون بحنين جارف لطقوس اعتادوا القيام بها وسط آبائهم وأمهاتهم، خاصة أن البعض منهم يحتفل هذا العام لأول مرة دون ذويه، وآخرون ودعوا أحباءهم منذ سنوات، ولكن يبقى للحديث والذكريات بقية.
احتفال فى المطبخ: «طلعت زكريا» يعد الكفتة والكنافة ويزين شجرة الكريسماس
ربما يظن البعض أن حياة الكوميديان تتسم بالصخب والضجيج والفسح المستمرة، لكن العكس هو الصحيح بالنسبة للفنان الراحل طلعت زكريا، صاحب الأدوار الكوميدية الشهيرة فى تاريخ السينما والمسرح والتليفزيون، فكان يعيش حياة أسرية تتسم بالهدوء الكبير، يعتاد الجلوس فى المنزل، ويكتفى بقضاء وقت ممتع مع زوجته وابنته «إيمى» وابنه «عمر»، خاصة فى الأعياد والمناسبات المختلفة، ومنها رأس السنة.
الاحتفال بليلة رأس السنة داخل منزل الفنان الراحل طلعت زكريا كان له طقوس خاصة، تبدأ من داخل المطبخ، مع إعداد صينية الكفتة وتحضير الكنافة اللذيذة، وتصميم شجرة الكريسماس بنفسه، وتقمص دور «بابا نويل».
تحكى «إيمى» ابنة الفنان الراحل، فى حديثها لـ«»، طقوس والدها خلال احتفالات الكريسماس، مستعيدة قصصاً من الذكريات التى جمعتهما: «كنا بنحب نزوق البيت بنفسنا، وبابا بيعمل شجرة الكريسماس، وبيلبس سانتا كلوز، والموضوع بيقلب كوميديا فى الآخر من شكلنا».
«زعبوط سانتا، ولبس بابا نويل، وفرجة على التليفزيون»، تسترجع ابنة الفنان الراحل طلعت زكريا أجواء الاحتفال المعتادة مع والدها فى رأس السنة، خاصة مع دقات الـساعة 12 بعد منتصف الليل: «فيلم حاحا وتفاحة، وطباخ الريس، من أساسيات اليوم، كان بابا بيحضنا، وأغلب الوقت دموعه بتبقى متصدرة المشهد، وبيفضل يدعى يكون معانا ووسطنا، ماكانش بيحب يخرج ويقضى اليوم ده بعيد عن البيت».
فيما يخص الهدايا والمعايدات، قالت «إيمى»: «إحنا كنا بناخد فلوس منه على طول، وكل واحد يجيب اللى عايزه، هو ماكانش بيحب يجيله هدايا، لأننا بنفضل نذله بيها طول السنة، ونقوله شوف جبنالك هدايا، وكان يتصل بأصحابه المقربين سمير غانم، صلاح عبدالله وأحمد آدم، وآخر كريسماس لينا سوا قضيناه بره البيت، اتصورنا وإدانى 100 جنيه، كهدية السنة الجديدة».
فى حضرة الأناقة: «رجاء الجداوى» تزرع القمح وهدايا للأصدقاء
عُرفت بشياكتها وطلتها وصوتها الراقى، فهى ابنة الأكابر، التى خطفت الأنظار فى عالم الأزياء والموضة، إذ كانت صاحبة ذوق رفيع وذكاء خارق فى اختيار ما يميز إطلالتها، فضلاً عن قصة شعرها ذات اللون الأحمر القصير، هكذا عُرفت الراحلة رجاء الجداوى، التى كانت تحرص أيضاً على الأناقة والجمال داخل منزلها. الاستعداد لرأس السنة الجديدة كان له رونق خاص داخل منزل رجاء الجداوى، التى كانت تنظم فقراته بدقة وأناقة شديدة، حيث روت كواليس تلك الحكايات ابنتها أميرة مختار، خلال حديثها لـ«».
«يوم رأس السنة لازم بوسة ليّا ولبابى ولروضة بنتى»، هكذا بدأت ابنة الفنانة الراحلة رجاء الجداوى فتح دولاب الذكريات عن والدتها: «السنة الجديدة بيبقى لها دعوات خاصة، بتلم العيلة كلها، وبنعمل عشاء رأس السنة، ولو عندها عزومة أو شغل لازم بيتنا يبقى مفتوح، فضلاً عن إحضار القطن الأبيض والقمح قبل 15 يوماً من بداية العام، للقيام بأعمال الزراعة «بتجيب لنا قطن أبيض وقمح وأطباق صغيرة، كلنا كنا بنزرع ونحطه على سفرة العشاء، باعتبار أن القمح رمز للخير».
عادةً ما كانت تبدأ الفنانة رجاء الجداوى العام الجديد بمشاهدة فيلمها المفضل «Home Alone»، وبين يديها «الفيشار» والفول السودانى، وهى جالسةً مع زوجها الراحل حسن مختار، وابنتها وحفيدتها «روضة»، وفى الخلف تستقر شجرة الكريسماس.
بعد وفاة الزوج والسند، استمرت الطقوس والاحتفالات التى اعتادت عليها الفنانة رجاء الجداوى، ولكن بتعديل بسيط وهو وضع صورته على مائدة الاحتفال والطعام، وطقطوقة بها السجائر التى كان يدخنها، وترش من العطر الخاص به حتى تشعر بوجوده.
فى صباح الأول من يناير، كانت رجاء الجداوى ترسل هدايا للأصدقاء والأحباب داخل سلة مزينة وباقة ورد وكارت معايدة، ووجبة شهية تُطلق عليها «فطار رأس السنة».
جلسة عائلية: «محمود ياسين» يصلى بالأبناء والأحفاد.. ويتناول المكسرات
طقوس شتوية وروتين اعتاد الفنان الراحل محمود ياسين وأسرته المداومة عليه خلال الاحتفال بقدوم العام الجديد، فكان يميل بطبعه إلى الهدوء، والاحتفال فى كنف العائلة والزوجة والأبناء والأحفاد.
هذا العام 2022، يغيب الفنان محمود ياسين عن الاحتفال مع أسرته، إذ توفى فى 14 أكتوبر 2020، ليخيم الحزن والأسى على العائلة، التى افتقدت وجوده معها وأحاديثه الطيبة وكلماته الرقيقة و«إفيهاته»، التى اعتاد ترديدها على مسامع الأبناء والأحفاد، فكان فى البيت بمثابة الأب والزوج والصديق.
الفنانة رانيا محمود ياسين، فتشت فى دولاب الذكريات، واستعادت الأحداث مع والدها الراحل وأسرتها خلال حديثها لـ«»، إذ كانوا يميلون فى احتفالاتهم إلى الطابع الكلاسيكى والهدوء، والبعد عن الصخب والضجيج والأماكن المكتظة والمزدحمة، وتفضيل الجو الأسرى كما هو الحال فى معظم الأسر المصرية العادية، فقالت: «إحنا زى باقى الأسر المصرية، ماعندناش طقوس محددة نبدأ بيها السنة الجديدة، لكن نهتم بصلاة ركعتين شكر لله عز وجل مع دقات عقارب الساعة الـ 12»، فضلاً عن الجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة عمل درامى أو مسرحى، وأمامنا «المكسرات والكاجو»، وملفحين بالبطاطين، بسبب الأجواء الشتوية.
بعد زواج الفنانة رانيا محمود ياسين، اعتادت مشاركة أسرتها كواليس الاحتفال بالعام الجديد من خلال اتصال هاتفى دائم مع دقات الساعة 12: «كان لازم بوسة وحضن لماما وبابا، ولما اتجوزت لازم أتصل بيهم وأعيّد عليهم باتصال وفيديو كول».
مفاجأة تحت المخدة: «عبدالمنعم مدبولى» يحتفل بحضن وبوسة.. ويلعب بزمارة وطراطير
«شيلوا الميتين اللى تحت.. كل شىء انكشف وبان.. كنتُ مغفلٌ.. أنا مش قصيّر أوزعة أنا طويل وأهبل.. طيب يا صبر طيب»، عبارات حينما نسمعها نتذكر من الوهلة الأولى نجم الكوميديا عبدالمنعم مدبولى، الذى رسم الضحكة على وجوه الملايين، وأُطلق عليه اسم «بابا عبده»، وأسس مدرسة الـ«مدبوليزم» فى التمثيل والتأليف والإخراج المسرحى.
كان الفنان عبدالمنعم مدبولى يشع طاقة أمام الكاميرات والعدسات، ولكن فى الحياة العادية تجده هادئاً خجولاً مُحباً للمنزل، حتى فى أوقات الحفلات والسهرات، كان يُفضل الوجود مع زوجته وأسرته، خاصة مع بدء العام الجديد، الذى كان يسبقه بـ3 أيام فقط يوم ميلاده.
روت «أمل»، ابنة الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى، طقوس الاحتفال بالعام الجديد ورأس السنة، وما كان يعتاد والدها القيام به، خلال حديثها لـ«»، إذ قالت: «والدى كان عيد ميلاده قريب من رأس السنة، وكان يحتفل بالمناسبتين فى آن واحد، إذ يدعو زملاءه فى العمل الذى يقوم به، سواء المسرحى أو السينمائى أو الدرامى للاحتفال داخل المنزل».
«هدايا تحت المخدة ومخطوطات يدوية»، هكذا تحدثت ابنة الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولى عن طقوس والدها فى الاحتفال برأس السنة الجديدة كل عام، إذ تتذكر جيداً الهدايا التى كان يتركها لها ولأشقائها تحت الوسادة من المساء ليجدوها فى الصباح: «وإحنا صغيرين ماكناش نعرف الفرق بين الكريسماس ورأس السنة، ماكانش فيه شجرة كريسماس، ولما الساعة تيجى 12، كان بيحضنا ويبوسنا كلنا، ونطفى النور ونلعب بالزمامير ونلبس طراطير».
أجندة العام الجديد: «محمد متولى» يكتب دعاءً فى أول صفحة.. ويقرأ القرآن
عرفناه من خلال أدوار عدة، كانت ذات بصمة فى تاريخ الفن والدراما والمسرح، فمن ينسى «خوليو» صاحب صاحبه فى فيلم «سلام يا صاحبى»، والحاج «أبوإسماعيل» بضحكته المميزة وطلته الكوميدية فى فيلم «مطب صناعى»، و«بسة» فى مسلسل «ليالى الحلمية»، و«مصطفى بطاطا» فى مسلسل «أرابيسك»، هو الفنان محمد متولى، الذى رحل عن عالمنا قبل 4 أعوام.
حكايات من الذكريات وطقوس مختلفة اعتاد عليها الفنان الراحل محمد متولى فى بداية العام الجديد، تحدثت عنها ابنته «سمر»، إذ كان يحرص على قضاء وقت أكثر مع أسرته وابنتيه: «آخر كريسماس كان فى 2017، قضيناه خارج البيت، حضرنا حفلة للفنان وائل جسار»، فضلاً عن حرصه الدائم على وجود شجرة الكريسماس وتزيينها بأشكال مختلفة كل عام، ومعايدة الأصدقاء المقربين، وكان من بينهم الفنانون فاروق الفيشاوى، شريف منير، أحمد صيام، فيفى عبده.
مناسبة أخرى كانت تجمع الأسرة فى شهر ديسمبر، وهى يوم ميلاد زوجة الفنان الراحل محمد متولى، الذى كان يحرص على الاحتفال به بشكل دائم، وتابعت «سمر»: «معندناش فكرة الهدايا فى رأس السنة، بيكون عيد ميلاد والدتى فى شهر 12 وبيكون الاحتفال احتفالين».
مخطوطات وأدعية بخط اليد، اعتاد الفنان محمد متولى عليها فى رأس السنة واستقبال العام الجديد، تتعلق بالصحة والستر، فضلاً عن شراء أجندة جديدة، إما باللون الأخضر أو الأزرق، وتابعت ابنته: «كان يحرص على كتابة دعاء فى الصفحة الأولى، كان متفائلاً بالحياة، يحرص على قراءة القرآن وخاصة سورة الواقعة لفتح أبواب الرزق، خاصة يوم الجمعة».
