على الرغم من سلبيات «السوشيال ميديا»، إلا أنه يمكن استغلالها في إنجاز عدة مهام إيجابية تفيد الناس والمجتمع بأكمله، ومع توديع عام 2022 نستعرض في التقرير التالي دور منصات التواصل الاجتماعي الإيجابية خلال هذا العام التي تنوعت بين إعادة مفقودين لأهاليهم بعد سنوات طويلة من الغياب، أو جمع تبرعات لحالات إنسانية تحتاج إلى المساعدة أو العلاج.
عودة أم مصرية لابنها الأردني بعد غياب 43 سنة
ويأتي في مقدمة الأدوار الإيجابية التي لعبتها «السوشيال ميديا» هذا العام هو مساهمتها في جمع شمل الأم المصرية «رضا» بابنها الأردني «وسام» بعد غياب طال لـ43 عامًا ظن خلالها كلٌ منهما بأن الآخر توفيَّ، حتى جاءت منصات التواصل الاجتماعي وأعادت كل منهما إلى حضن الآخر.
بدأت القصة حينما تزوجت السيدة المصرية «رضا» قبل نحو 5 عقود من رجل أردني، وسافرت للعيش معه، إلا أنه مع مرور الوقت ظهرت الخلافات بينهما، ووصلت إلى ذروتها بعد إنجاب طفلهما الأول، ما جعل الأب يستغل بساطة زوجته وأخبرها بأن الرضيع توفيَّ، وتقتنع الأم بهذا الخداع وتعود إلى مصر مثقلة بالأحزان، كما راح الأب يُحبك قصته بأن أخبر الطفل في سنواته الأولى من عمره بأن والدته توفيت، لينشأ الابن قانعًا بأنه يتيم الأم، ويبقى على هذا الحال سنوات طويلة حتى قررت عمته أن تُخبره بالحقيقة.
بعد معرفة الابن الأردني «وسام» بأن والدته مصرية ولا تزال على قيد الحياة راح يتردد على مصر في عدة زيارات حاول خلالها الوصول إلى والدته إلا أن جميع آماله تبددت وسط الزحام، حتى قرر رفقة عمته نشر صورة قديمة لوالدته على صفحة «أطفال مفقودة» عبر منصة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، معلقًا: «ابنك عايش وبيدور عليكي.. يا ريت اللي عنده أي معلومات عنها يتواصل معنا على رسائل الصفحة.. والأم اسمها رضا محمود الكوراني، واحتمال كبير تكون من شبرا الخيمة أو شبرا مصر»، ولم يمر يوم حتى تمكن رواد الـ«سوشيال ميديا» من مساعدة الابن الاردني للوصول إلى أمه المصرية، ليشهد مطار القاهرة على هذا التلاقي الدافئ المُفعم بمشاعر الحنين والاشتياق.
عودة «رضا» إلى أسرتها بعد غياب طال لـ45 سنة
ولعبت منصات الـ«سوشيال ميديا» الدور ذاته في قصة مختلفة، حينما ساعدت في إعادة السيدة رضا عبدالرحيم إلى أسرتها بمحافظة بني سويف بعد غياب طال لمدة 45 عامًا.
وبدأت أحداث القصة حينما تركت الطفلة «رضا»، وهي في الربيع السادس من عمرها، والدتها التي تعمل في بيع الخضار بجوار محطة السكة الحديد بمدينة الفشن محافظة بني سويف، وراحت مدفوعة ببساطة الطفولة تلهو في القطار على أمل أن تقضي داخله بعض الوقت في اللعب وتعود بعده إلى والدتها، إلا أن القطار تحرك بها لينقلها إلى مركز ملوي بمحافظة المنيا وتنزل منه لا تعرف إلى أين أو من تذهب.
لفتت هيئة الطفلة وهي تسير شاردة في شوارع مركز ملوي انتباه رجل طيب حاول مساعدتها بالاستفسار منها على أهلها ومن أين جاءت، إلا أنه لم يحصل لهذه الاسئلة على إجابات شافية فقرر أخذها وتربيتها في منزله رفقة أبناءه، لتعيش الطفلة تحت كنفه وفي رعايته عدة سنوات لم يكن يشغل بالها خلال سوى حلم العودة إلى والدتها وأسرتها، لذا قررت وهي في الـ15 من عمرها ترك منزل الرجل وإعادة البحث عن أسرتها من جديد.
«طلعت أدوَّر في الشوارع وبرضو معرفتش أوصل لحاجة لأني كنت نسيت أنا منين أصلا، وركبت القطر مش عارفة أنا رايحة فين ونزلني في محافظة الأقصر، وبعدها قابلت راجل طيب وإتجوزنا وعشت معاه سنين طويلة وخلفت 5 ولاد»، قالتها «رضا»، صاحبة الـ51 عامًا، خلال حديثها لـ«»، موضحة أن وجود زوجها وأبنائها إلى جوارها لم يُنسيها حلم العودة لأسرتها، وأنها ذات يوم روت قصتها على إحدى جيرانها التي اقترحت عليها نشر صورة قديمة لها على منصات التواصل الاجتماعي وإرفاقها بقصتها وبعض المعلومات عنها، على أمل أن يتعرف عليها أحد أقاربها أو جيرانها ويساعدها في الوصول إلى أهلها.
لم تمر أيام حتى صدقت توقعات هذه المرأة، ورأى أحد أقارب «رضا» صورتها على موقع «فيس بوك» وتعرف عليها في الحال وهبّ يزف البشرة إلى والدتها المُسنة القابعة في منزلها تنتظر عودة ابنتها، وعلى الفور تجمع أبناء العائلة وسافروا إلى الأقصر وأعادوا «رضا» إلى أحضانهم بعد غياب طال 45 عامًا.
يوتيوبر كويتي يجمع 11 مليون دولار في بث مباشر
وإلى جانب المساعدة في إعادة المفقودين لأهاليهم، لعبت الـ«سوشيال ميديا» أدوارًا بارزة أيضًا في التخفيف من آلام واحتياجات الحالات الإنسانية من خلال جمع تبرعات هائلة، ولعل أبرز هذه الأدوار ما فعله اليوتيوبر الكويتي «أبو فلة»، الذي أطلق في مطلع يناير الماضي حملة بعنوان «لنجعل شتاءهم أدفأ»، وتمكن خلالها من جمع قرابة 11 مليون دولار، بعدما قضى في بث مباشر عبر صفحته على موقع «يوتيوب» عدة أيام داخل غرفة زجاجية، ليتم تسجيل اسمه في موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية كصاحب أطول بث مباشر.
وخصص «أبو فلة» هذه التبرعات التي تمكن من جمعها لمساعدة اللاجئين والنازحين والمحتاجين، إذ أعلن وقتها أنه سيتم صرف نصف المبلغ من خلال برامج المساعدات للمفوضية، والنصف الآخر من خلال شبكة بنوك الطعام الإقليمي.
جمع 40 مليون جنيه لعلاج الطفلة «رقية»
كما لعبت الـ«سوشيال ميديا» دورًا كبيرًا في توفير نفقات علاج الطفلة «رقية»، المريضة بـ ضمور العضلات الشوكي، وكانت تحتاج إلى الحصول على حقنة «زولجانزما» التي يبلغ سعرها 40 مليون جنيه.
وبدأت أحداث قصة الطفلة «رقية» المريضة بضمور العضلات الشوكي حينما توجه والدها محمد رضا إلى وزارة التضامن الاجتماعي يعرض حالة ابنته واحتياجها إلى حقنة بمبلغ 40 مليون جنيه، وتقرر وقتها الوزارة فتح حسابات للطفلة في بنوك مختلفة، مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر والبنك التجاري الدولي وشركة فوري.
بعد فتح الحسابات البنكية برعاية وزارة التضامن الاجتماعي، راح الأب يعرض قصة ابنته على منصات التواصل الاجتماعي ليتعاطف معه عدد كبير من الرواد ويبادر كلٌ منهم بالمساعدة سواء من خلال التبرع بالمال، أو نشر قصة الطفلة عبر صفحاته الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي وحث الناس على التبرع، حتى تمكنوا خلال فترة قصيرة من جمع 40 مليون جنيه وحصلت الطفلة بعدها على الحقنة.
وعبَرت نورهان عبدالحميد، والدة الطفلة «رقية» خلال حديثها لـ«»، عن امتنانها الشديد للمتبرعين ولكل من ساهم في جمع المبلغ اللازم لعلاج ابنتها، مؤكدة أن طفلتها حصلت على الحقنة ولا زالت تستكمل رحلة علاجها.