| تاريخ كسوة الكعبة: ها وأنواعها في العصور.. الأسود لم يكن البداية

لم تكن كسوة الكعبة على لون واحد ثابت منذ عرفت، بل كانت المختلفة متعددة كما تعددت أنواع الكسوة نفسها، بحسب ما ذكره الكاتب عبدالقيوم عبد رب النبي، في كتاب يحمل اسم «كسوة الكعبة».

كسوة الكعبة 

وبحسب مقال بمجلة «المورد العراقية»، إن هذه الكسوات كانت تأتي عفوية وبطريق الصدفة، فالأعرابي الذي يقوم بوضع ما يملك من كسوة لا يحدد اللون الذي عملت منه هذه الكسوة، فقد كانت الكعبة تكسى بكسوات من الوصائل، وهي ثياب حمر مخططة إلى جانب ذلك تكسى بكسوات صُفر وخُضر حيث تخبرنا أم زيد بن ثابت الأنصاري في الجاهلية أنها رأت على الكعبة مطارق خَزّ خضر وصفر.

وعندما عملت الكسوة من نسيج القباطي الأبيض ومن نسيج الديباج فحددت ال، فقد شاع استعمال الديباج الأحمر، ثم استبدل بالديباج الأبيض، وذلك في عهد الخليفة العباسي المأمون، والظاهر أن الديباج الأبيض يكون أكثر سمكًا ومتانة من الديباج الأحمر.

وجاء في «مجلة المورد» تحت عنوان «نسيج الكسوة وها»، أن الكعبة كسيت في الجاهلية بالخصف، والمعافر، والملاء، والوصائل، والعصب، والمسوح، والأنطاع، وهي إما جلود حيوانات كالأنطاع أو من الشعر الغليظ كالمسوح رقيقة كانت كالملاء أو خشنة الملمس كالخصف، بالإضافة إلى عدة أنواع من المنسوجات كانت تصنع خصيصًا لعمل كسوة الكعبة قبل الإسلام، واستمر استعمالها بعد كالقباطي.

حكاية اختيار اللون الأسود بكسوة الكعبة 

وعن «الكسوة في عهد سعود الكبير» قيل إنه كسا الكعبة من القز الأحمر، ثم كساها بالديباج الأسود، والقيلان الأسود، وذكر القلقشندي أن الفاطميين خلفاء مصر في إمارة أبي الحسن جعفر من السليمانيين على مكة في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، كسوا الكعبة بالبياض، ثم رفع «لعله رجع» الأمر في خلفاء بني العباس ببغداد إلى شعارهم من السواد، فألبسوا الكعبة الديباج الأسود، ثم جرى ملوك مصر عند استيلائهم على الحجاز على إلباسها السواد. 

وذكر بعض العلماء حكمة حسنة في سواد كسوة الكعبة، فعن ابن أبي الضيف مفتي مكة أن بعض شيوخه قال له: يا محمد تدري لم كسا البيت السواد؟ فقال: لا، قال: كأنه يشير إلى أنه فقد أناسًا كانوا حوله، فلبس السواد حزنًا عليهم، قلت: هذا الذي ذكره الفاسي رحمه الله وعبّر عنه بالحكمة الحسنة ليس بجيد، لأن البيت ظاهره جماد، من أين للفاسي رحمه الله أو لمن نقل منه بدون نص من الكتاب والسنة أن البيت فقد أناسًا كانوا حوله، فلبس السواد حزنًا عليهم، كما أن البيت لا يلبس ما يلبس بنفسه بل غيره يلبسه.

والصواب في سبب سواد الكسوة هو ما ذكره العلامة العطار في كتابه، فقال: لم يكن للكسوة لون خاص، ولا نسيج خاص، بل كانت من نسيج أو جلد من أي لون كان حتى كسا الخليفة العباسي الناصر لدين الله الديباج الأسود وكان السواد شعار العباسيين، وتوفي الناصر سنة 622 هجريا، وصار لون الكسوة من بعده أسود.