| تركته حبيبته لأنه «بائع قهوة».. طالب جامعي في مهمة لإثبات الذات: هحقق حلمي

في السابعة صباحا، يستيقظ «محمود» كل يوم رغم إجازته من الجامعة، يرتدي قميصه المكوي بإتقان ليقابل زملاءه في العمل بشكل مهندم، ثم ينطلق نحو السنترال الذي يعمل به في الصباح، ليقضي نحو 8 ساعات في العمل، قبل أن ينتهي من عمله ويذهب لمنزله لتناول وجبة الغداء، ويغير ملابسه سريعا، ثم يأخذ عجلته الخفيفة، ليس للتجول بها أو التنزه، بل ليضع عليها صندوق القهوة والشاي الخاص به، والذي يساعده على العمل كبائع قهوة على الرصيف.

محمد إسماعيل حلمي، طالب الفرقة الرابعة بكلية دار علوم جامعة القاهرة، شاب يسير في أولى خطواته كمدرس للغة العربية، ولكن من أين تأتي الأموال اللازمة لاستكمال دراسته إذا لم يعمل؟ ذلك السؤال الذي دفعه للعمل كبائع قهوة، من خلال صندوق صغير حمل بداخله الأكواب والشواية وعلب القهوة.. وأحلامه.

«صندوق أحلام إسماعيل».. هكذا يسمي الشاب صاحب الـ21 عاما الصندوق الخشبي الصغير الذي يحمل بداخله بضاعته، والذي صممه خصيصًا لتلك المهمة، لأنه وسيلته لتحقيق أحلامه في كسب الرزق وتخطي الدراسة بنجاح ليصير مدرس شهير وناجح، «صممت الصندوق ونزلت الشارع وكان في اقبال وتشجيع من الناس كبير الحمد لله».

محمود يعمل في سنترال صباحا وبائع قهوة مساء: طول ما التلاجة محتاجة أشتغل أي حاجة

في مدينة الشروق، وتحديدا بميدان النهضة شارع الأوسط، يقف «إسماعيل» بعجلته فوق الرصيف، ومن فوقها صندوقه الصغير، يفرش عليه بضاعته ويسخن الفحم اللازم لعمل القهوة، ويجهز البوتوجاز الصغير لعمل الشاي، وأمامه لافتة صغيرة عرف بها، مكتوب عليها «طول ما التلاجة محتاجة اشتغل أي حاجة»، جملة بسيطة وشعبية ولكنها تلخص منطقه في الحياة بأن الحاجة للمال تدفع صاحبها للعمل في أي مهنة شرط أن تكون شريفة.    

يعيش ابن مدينة الشروق حياة مليئة بالتحديات، بحث كثيرًا عن فرصة عمل في مجاله ولكنه لم يجد، فكان لابد من أن يشق طريقه بيده، حتى يتخرج ويصبح قادرا على المنافسة في سوق العمل، «فكره المشروع جاتلي لما خلصت امتحانات ومالقتش شغل، ولقيت إني مميز في القهوة، وده طبعا اتعلمته في فترة الامتحانات بسبب المذاكرة، وكان صحابي بييجوا عندي ويشربوها».

صدمة عاطفية مر بها الطالب الجامعي، حينما علمت الفتاة التي أحبها بأمر عمله كبائع للقهوة فابتعدت عنه، وهو ما زاده إصرارا على استكمال مشواره وإثبات ذاته، «كمان في دكتور قال لي يابني أنت المفروض هتكون مدرس في يوم من الأيام، الطلبة بتوعك هتقول عليك بتاع قهوة»، كل تلك الأمور لم تزد الشاب إلى مثابرة نحو حلمه، والعمل بجد أكثر للوصول لمراده.

يعمل الشاب بجد واجتهاد على عجلته البسيطة، ويأمل في الوصول لما يريد، «أنا باكلها بالحلال ولا بشرب سيجارة ولا ليا في أي حاجة تانيه غير شغلي والحمد لله منتظم في الصلاة، ونفسي ربنا يوفقني وأقف قدام كل اللي اتريقوا عليا وٌولهم أنا أهو وبقيت زي ما أتمنيت».