ما أن تدق عقارب الساعة الخامسة صباحًا حتى يكون «أحمد» في الشارع، متجولًا بالتروسيكل الخاص به في جميع مناطق القاهرة؛ بحثًا عن مصدر رزق له ولأسرته، فهو بائع مقرمشات سورية، يقف دائمًا أمام أبواب المدارس المختلفة للبحث عن الطلاب الذين يعدون الفئة الأكثر جذبًا لمثل تلك المنتجات، وفي المساء يقف بمنطقة المطرية ويعود إلى منزله في الساعة الثانية صباحًا؛ من أجل توفير معيشة كريمة لزوجته وبناته الخمسة.
أحمد سيد، البالغ من العمر 42 عامًا، كان يعمل صنايعي على ماكينة خياطة أحذية بأحد المصانع في منطقة بسوس بالقناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، وبسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وجد نفسه عاطلًا وفي الشارع ولا يعرف ماذا يفعل للإنفاق على أسرته ولاح أمامه المصير المظلم الذي ربما تتعرض له عائلته، ليقرر شراء تروسيكل ويبيع مقرمشات سورية بشكل جميل يخطف الأنظار ويجذب الزبائن إليه لنضافة منتجاته: «كنت شغال على مكنة ترزي في مصنع كوتشي وجزم، وبعد المستورد وكورونا، مصانع ومحلات كتير قفلت، ولقيت نفسي مليش مصدر رزق ودورت كتير بس مكنش في أمل لحد ما ربنا كرم بالمشروع الصغير بتاعي».
والدة أحمد تساعده في مشروعه
يروي «أحمد» ابن منطقة الوايلي بمحافظة القاهرة لـ«»، أنه منذ عام فكر في إنشاء «باكية» يبيع فيها منتجات غذائية مغلفة وحلويات وكان يقف عليها بناته الخمسة كمحاولة للمساعدة في ظروف المعيشة إلى جانب عمله في المصنع، ومنذ شهرين أغلق المصنع ليجد الأب الأربعيني نفسه فجأة في الشارع دون مصدر رزق وخاصة أنه العائل الوحيد لعائلته لتقرر والدته إنفاق كل ما لديها من أجل شراء تروسيكل كي يؤسس عليه ابنها مشروعه الخاص «والدتي قررت تقف جنبي وتساعدني، وفتحت مشروع المقرمشات السوري المعلب في المطرية، وهي فكرة جت في دماغي إني أبيع المنتجات بشكل نضيف وأحافظ على جودتها لأن أغلب الموجودة في المحلات بتبقى منتهية الصلاحية وبالتالي مبتعجبش الناس».
«أغلبية المحلات حاطين شكاير ومفتوحة معرضة للأتربة، الدخان، النفس والميكروبات انا طورتها على فكرة جديدة أنها تكون في علب مقفولة تحافظ على جودتها».. يحاول «أحمد» البعد عن المنتجات التي تؤثر على صحة الأشخاص بكونها منتهية الصلاحية: «ده بيخليها تزرنخ وتطرى، والحاجات دي أصلا المفروض صلاحيتها 6 شهور للسوري والمصري 3 شهور».
يعمل «أحمد» كل يوم دون أن يأخذ إجازات كي يوفر الدخل اللازم لأسرته وتساعده زوجته في ذلك: «أنا عندي 5 بنات أكبرهم في 3 ثانوي وأصغرهم عندها 3 سنين، وزوجتي أنا مدين لها بحاجات كتير هي نفسها بتنزل وتلف وتجبلي البضاعة والعلب وبتنقي أنضف حاجة»، يتراوح سعر المنتجات بين 60 لـ70 جنيهًا للكيلو وتضم جميع أنواع المقرمشات، بالإضافة إلى اللب السوري المقشر، الذي لا ينتشر بشكل كبير بمصر ويزداد عليه الطلب.