ولدت فاقدة للبصر، لكنها لم تشعر سوى بنعم الله عليها، إذ عوضها بذاكرة قوية الحفظ سريعة التذكر، ووهبها أماً حانية تقوم على خدمتها وتعليمها ليل نهار، لتكافأها الدنيا بالفوز في مسابقة الحساب الذهني للمكفوفين، على الرغم من صغر سنها.
جنى أبو طالب، طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، أقبلت على الحياة فاقدة للبصر رغم تمتع توأمها بقوة النظر، إلا أن عزيمة والدتها، ومجهود مدربتها، دفعها للفوز بالمركز الأول على مستوى محافظة سوهاج في مسابقة الحساب الذهني للمكفوفين، لتتحول محنتها إلى منحة من الله عز وجل وفق والدتها: «لما اتولدت فاقدة للبصر زعلت شوية، لكن خدت عهد على نفسي أعلمها وادربها وربنا كافأها».
نشأة جنى
اكتشف أهل «جنى»، فقدانها للبصر بعد أشهر من ولادتها غير الطبيعية، إذ تم وضعها في الحضان عدة أيام: «لم نكن نعرف أنها كفيفة لما اتولدت لكن اكتشفنا ده بعد حوالي 3 شهور»، حسب ما روت والدتها لـ«»
بعد أن بلغت الطفلة 3 سنوات ونصف بدأت أمها التي تسكن بركز جرجا التابع لمحافظة سوهاج، أولى تجاربها لتعليمها القراءة والكتابة بطريقة برايل الخاصة بالمكفوفين، ولكن بائت بالفشل بسبب سن الطفلة وعقلها الذي لم يستوعب بعد، لكن والدتها لم تكل ولم تمل، بل عاودت التجربة مرة أخرى عندما أتمت طفلتها سن الخامسة، ليكون هذا العمر شاهدا على مرحلة تعلم فاقت الحدود: «بدأت أجبلها مدربين في البيت يعلموها الكتابة والقراءة برايل، ولاحظنا تفوق ملحوظ وقوة شدية في الحفظ، فأتقنت خلال أشهر قليلة القراءة والكتابة».
«جنى» تدخل المدرسة وتتعلم الحساب الذهني
لم تتوقف الأم عند هذا الحد، فأدخلت طفلتها المدرسة، وشرعت في تعليمها الحساب الذهني، لتبدي فيه تفوقًا كبيرًا على أقرانها، حتى حققت الفوز في المسابقة: «دخلتها المدرسة القريبة منا بعد دمج ذوي الهمم بها، وكانوا قبل ذلك يضطرون إلى الذهاب لمدارس خاصة بهم تبعد عنا بكثير، ولقينا تعاون كبير من مدرسيها، وبعدين قدمت ليها في المسابقة وأبهرتنا بفوزها».
تتمنى والدة «جنى»، أن يعي الناس ويستوعبوا أن ذوي الهمم هم جزءً من المجتمع: «ذوي الهمم والمكفوفين على وجه الخصوص هم جزء من المجتمع ويجب علينا تعليمهم وإعطائهم حقوقهم كاملة مثل باقي أطفالنا».