حب لا ينتهي عبر سنوات أذبلت وجهيهما وقوّت علاقتهما، فالأولاد انشغلوا بأمورهم الخاصة وحياتهم، ولم يبق لـ محمد مشرف، 61 عامًا، سوى زوجته الخمسينية المريضة، التي يجوب بها المشوار من شارع لحارة، أو يذهب بها من البيت للمستشفى، السير يرهق صحتها، فاشترى لها كرسيا متحركا ليدفعها إلى المكان الذي تريده.. رحل من عمل لآخر، وظلت زوجته مروى عوض، 50 عامًا، بجانبه طوال 25 سنة زواج، وحان الوقت ليقف بجانبها باقي حياتها.
يلاحظ أهالي مدينة طنطا بمحافظة الغريبة، «عم محمد»، الذي يسير رفقة زوجته الجالسة على كرسي متحرك، متسائلين.. هل أصيبت بمرضٍ في قدمها؟، ولكن الحقيقة تكمن في معاناتها من مشاكل بالحنجرة تجعلها غير قادرة على التنفس.
بداية مرض «مروى»
القصة يرويها «محمد»، لـ«»، فمنذ شهر أكتوبر الماضي، أصيبت «مروى» بمشكلات في التنفس بسبب حنجرتها بعد إصابتها بغيبوبة سكر، دخلت على إثرها لمستشفى طنطا الجامعي، وظلت موجود هناك حتى الآن، أجرت خلالها عمليتين بالحنجرة، وتنتظر العملية الجراحية الثالثة، مضيفًا: «حطيناها على جهاز التنفس الصناعي، وبعد فترة حصلها اختناق في الصدر، والدكاترة قالوا لازم تعمل عملية في الحنجرة، وإحنا موجودين في المستشفى من شهر 12 اللي فات».
أجريت العملية الأولى بنجاح، ومرت «مروى» بالمرحلة الخطرة، ولكن اضطرت للإجراء العملية الثانية من أجل توسيع الحنجرة، وهي الآن تحتاج إلى «أنبوبة» يتم تركيبها بالحنجرة، لتستطيع التنفس من خلالها، وسعرها 5500 جنيها، وهو مبلغ لا يملكه «محمد»: «إحنا لسة موجودين في المستشفى، وطوال الفترة دي أنا مسيبتهاش وبفضل موجود معاها في أي مكان، بس مش معايا فلوس أجيبلها الأنبوبة».
«محمد» من موظف إلى نجار مسلح
حياة «محمد» تغيرت أحوالها عدة مرات، فهو تحول من موظف بالإدارة الزراعية الموجودة بمدينة كوم حمادة بالبحيرة، إلى نجار مسلح، ولكن الآن مع كبر سنه لا يقدر على العمل، خاصة أنه منشغلاً بزوجته: «عندي 4 أولاد، اتنين منهم على دراعهم شغالين يوم أه ويوم لا، وبنتي شغال في حضانة، والظروف على قدها».
طوال عدة أشهر، كان «محمد» وزوجته يمران من أمام عبد الرحمن جمال، أحد البائعين الموجودين بالقرب من المستشفى، يؤكد لـ «»، أنه بفصل الشتاء يرى الرجل الستيني، يجلس على الكرسي منتظرًا زوجته الموجودة بالغرفة، وأحيانًا كان ينام دون غطاء: «هم فعلا محتاجين المساعدة ودخلهم تقريبا منعدم».