مشهد وداع مهيب اصطف فيه الأطفال والنساء قبل الرجال، لتشييع جثمان الفتاة الشابة وردة حمادة، من قرية شطورة بمحافظة سوهاج، التي رحلت بعد صراع مع المرض وعملية جراحية أجرتها منذ عدة أيام.
كانت القرية كلها تعرف «وردة» بحكم سعيها في الخير وتحفيظ القرآن الكريم وعملها في مجال الدعاية والإعلان لمشروعات ومنتجات أبناء القرية الذي اتخذته وسيلة للكفاح وكسب لقمة العيش، لكن المرض أنهى رحلة الكفاح سريعًا.
قبل أيام من قدوم عيد الأضحي المبارك، كتبت «وردة» منشورًا تمنت فيه زيارة بيت الله الحرام، وكتبت في منشور سابق: «من رأي مني خيراً فليدعو لي فلعله أقرب إلى الله مني»، وبعد 18 يومًا فقط تحولت صفحتها إلى سرادق عزاء، بعد خبر وفاتها الذي كسى وجوه أهالي القرية بالحزن، إذ كتب أحدهم: «يا رب قدرت واخترت لها.. فلتكن فرحتها الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب، بشرها يا رب بما يزيح عنها مرارة الدنيا.. بشرها بروح وريحان.. بشرها بنعيم لا يفنى ورب رحيم رحمن»، و«فعلاً ربنا عوض بالأحسن.. ربنا يغفر لك ويرحمك ويجعلك من أهل الجنة وينور قبرك»، وتوالت الدعوات لها بالرحمة والمغفرة.
توفيت على أثر عملية جراحية في العمود الفقري
أجرت «وردة» عملية جراحية في العمود الفقري استمرت 10 ساعات بمستشفى جامعة الأزهر بأسيوط، ونجحت 100% لتخرج بحالة جيدة بحسب شقيقها أحمد حماد الذي أكد لـ«»: «طلعت من العمليات فايقة وبتتحرك وبتتكلم معانا»، وظلت في الرعاية المركزة 18 يوماً ثم توفت.
وأوضح أنها كانت تعاني من آلام في العمود الفقري منذ فترة طويلة، وبمرور الأيام تطورت الأمور واستلزمت تدخلًا جراحيًا: «علاج العظام مسكنات مفعولة بينتهى والألم يرجع أصعب من الأول.. والمجهود الزايد بيتعبها».
لم تكن العملية الجراحية بها خطورة على «وردة»، بحسب شقيقها ومع ذلك اضطر الطيب المعالج تأجليها عدة مرات بسبب ضعف جسدها «أجلناها كتير ولما عملناها نجحت بنسبة 100%».
ذكريات ومواقف «وردة»
في ذهن «حماد»، ذكريات ومواقف جمعته بشقيقته التي تصغره بعدة أعوام، ربما عجزت ذاكرته عن استدعائها في وقت سيطر عليه الحزن: «دي أختي وحبيبتي وصاحبتي وكل ما ليا، ربنا يصبرنا على فراقها»، لكن ربما المشهد الأقرب الذي يسيطر عليه وقوفها بجانبه في زفافه في شهر فبراير الماضي: «الكل يعرف جدعنة وردة.. محدش عمل فرحي غيرها.. هي اللي حجزت لي القاعة وجهزتها ودعت المعازيم، ورتبت كل حاجة وعملتها صح.. وردة هي اللى جوزتني».
وفي أثناء تلقيه عزاءها علم بأعمال خيرية كانت تقوم بها شقيقته، لم تكن تعرفها الأسرة: «ما قصرتش مع حد.. وقفت مع المريض، وعملت خير كتير إحنا ماكناش نعرف بيه»، موضحاً أنه لم تتمن سوى أن تعود لحياتها الطبيعية بعد العملية.