بنبرة هادئة، يصدح صوته في مجلسه، يقف بثبات مبتسم الوجه، يرتل آيات القرآن الكريم، يطرب بها آذان صحبته، لم يمنعه العمل بجانب دراسته عن التلاوة، إذ يرى في كل كلمة وجملة قرآنية ما يزيده من حبه لمهنته، التي تعكس الراحة والهدوء على المكان بجانب الجمال والأناقة.
حسين عبدالظاهر شاب جامعي، بالفرقة الأولى بكلية أصول الدين والدعوة بجامعة الأزهر، صوته العذب الذي خطف قلوب مستمعيه، جعله محور حديث السوشيال ميديا، بعد ساعات من تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو له، إذ كان يتلو آيات من الذكر الحكيم، وهو يساعد صديقه في طلاء شقة الزوجية، مرتديًا ثياب العمل، ممسكا الفرشاة، فهو يقوم بدور«النقاش» من أجل تلبية دعوة صديقه الذي وجهها له لرؤية الشقة أثناء تجهيزها ومشاركته في اختيار درجات ال.
يجمع الشاب حسين، بين العمل والدراسة، فبجانب دراسته الجامعية، يعمل بشركة ومحفظ للقرآن «أون لاين» من أجل تغطية نفقات دراسته في مدينة طنطا، وبين سكنه في مدينة النوبارية بالبحيرة حيث تسكن الأسرة.
حسين يروي كواليس مقطع الفيديو المتداول
«كنت في البحيرة وصاحبي طلب مني أشوف الشقة وهي بتتشطب، ولما روحت اقترح عليا أعمل نقاش، واقرأ القرأن ونصور فيديو»، يروي الشاب الجامعي كواليس مقطع الفيديو المتداول عبر السوشيال ميديا، قائلا إنه وافق على اقتراح زميله، ولم يتردد لحظة في تلبية طلبه، فارتدى ملابس أحد الصنايعية الذي كان يدهن الشقة من قبل، وأمسك بالمعدات «الفرشاة وجردل البوية»، وبدأ العمل، وهو يتلو سور قرآنية بصوت عذب.
وعن رد فعل رواد السوشيال ميديا، بعدما ظنوا أنه يعمل نقاشًا، قال «حسين»: «فيه ناس كتير قالوا لي عايزينك تشطب لنا الشقة بتاعتنا.. مش مهم يقولوا عليا نقاش ولا غيره المهم القرآن يوصل للناس»، موضحًا أن كل أمانيه أن يحصل على الشهادة الجامعية، ويصبح قارئا معتمدا ومسؤولا عن مسجد، يعبد الله فيه، ويكون مصدر رزقه.
يستكمل حديثه، قائلا إنه يتفنن في تقليد القراء، ويجيد تقليد أكثر من 20 قارئا، والمشايخ من مصر والعالم العربي، مشيرًا إلى أنه تعاقد مع شركات إنتاج متخصصة لتسجيل مقاطع صوتية: «سجلت معاهم 3 فيديوهات، ودفعت لهم 400 جنيه، وأرباح المشاهدات تذهب للشركة».
«حفظت القرآن الكريم وأنا في الحضانة، وأتممت قراءته في الإعدادية، وحصلت على إجازة حفص وعاصم وسعيد خميس جابر المدون بالمصحف الشريف»، يضيف الشاب الأزهري أنه خلال المقطع الصوتي الواحد بإمكانه أن يأخذك من مصر ويذهب بك للحرمين مع قراءة السديس والمعيقلي، ثم الخليج مع قراءة مشاري والعفاسي والمغرب العربي، ويعود مرة أخرى إلى مصر بقراءة محمد رفعت وعبدالباسط والبنا والحصري والمنشاوي وغيرهم.
حسين محفظ «أون لاين»
اهتمام «حسين» بالاستماع لأصوات القراء من مختلف العالم مكنه من القدرة على تقليدهم: «بسمع قرآن كتير فبيدخل في ذهني صوت القارئ وبقلده بسهولة»، موضحًا أن تقليده لهذه الأصوات لا يتطلب منه سوى التركيز في طريقة أداء القارئ ونغمة الصوت، والمقام الذى يعتمد عليه كل قارئ: «أنا مش بقلد الصوت لمجرد التقليد وخلاص.. لو عجبني بسمعه عشان حابب أقلده»، مؤكدًا أنه يقرأ القرآن بطريقة تميز صوته عن غيره: «أنا شغال محفظ أون لاين، وبعيدًا عن التقليد كل قارئ لازم يكون له طريقة مميزة فى القراءة، وإلا يبقى مقلد وليس قارئ».
تقليد أكثر من 20 قارئا
ورغم إجادة «حسين» تقليد أكثر من 20 قارئًا، إلا أنه يواجه انتقادت: «فيه ناس بتحبطني، والأكتر بيحترمني ويشجعني» مؤكدًا أنه يفضل الاستماع إلى الشيح محمد صديق المنشاوي: «أفضل قارئ بحب اسمعه»، والشيخ محمود علي البنا ومحمود خليل الحصري وعبدالباسط عبدالصمد وماهير المعيقلي وسعد الغامدي، مشيرًا إلى أنه ليس هو الوحيد في الأسرة الذي يحفظ القرآن، فأشقائه الثلاثة الذين يصغرونه في السن يسيرون على نفس النهج، وقد حصل شقيقه على «إجازة حفض وعاصم» والآخران مستمران في الحفظ، إذ يحرص رب الأسرة على ذلك.