رغم مشاهد الدمار التي خلّفها القصف المدفعي والجوي العنيف على المناطق السكنية والبنى التحتية في غزة، الذي دخل يومه الثامن والثلاثين، إلا أنّ العائلات النازحة إلى جنوب القطاع، التي فاق عددها 1.6 مليون شخص ما تزال متشبثة بالحياة، في ظل انعدام سبل الحياة.
غزة تفتقد كل سبل الحياة
مع نزوح أكثر من ثلثي قطاع غزة إلى مدارس الأونروا، التي تحولت إلى مراكز إيواء لمئات الآلاف، في حين تشرد الآلاف ولم يجدوا مأوى سوى الخيم التي نصبوها حيثما استطاعوا، في الساحات الفارغة وعلى أطراف الشوارع، يعاني سكان قطاع غزة من انقطاع المياه والكهرباء ونفاد الوقود، حتى أنّهم يسعون إلى تدّبر أمرهم في الوقت الحالي بما لديهم من إمكانات.
ومن الحيل التي لجأ إليها بعض النازحين، صنع أفرانًا طينية تعمل على الحطب والأوراق لإعداد الخبز وتوزيعه، ليعودوا بذلك إلى الطرق التقليدية لصنع رغيفهم، بعد أن توقفت المطحنة الوحيدة في القطاع عن العمل، بسبب انقطاع الكهرباء وتوقف أغلب المخابز عن العمل.
تقول إحدى بائعات أفران الطين في مقطع فيديو، نشره «تليفزيون فلسطين» عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، إنّها تبيع الفرن الواحد بحوالي 100 شيكل، وقد اعتادت صناعة هذه الأفران الطينية قديمًا بمساعدة زوجها حتى توفى عنها، فأصبحت تصنع هذه الأفران بمفردها وتبيعها في ظل نفاد الكهرباء والغاز وحتى الحطب المستخدم في تشغيل هذه الأفران: «فيه ناس بتيجي تاخد، وفيه ناس لا مش كل الناس، لكن إيش بدنا نسوي، إحنا حتى الحطب اللي نولع فيه ما عندنا».
700 رغيف لـ20 عائلة بقطاع غزة
في المنطقة الوسطى بقطاع غزة، في بلدة تعرف بـ«الزوايدة»، تجلس سيدتان على التراب بجوار إحدى الأفران الطينية التي توزعت في محيطه سعف النخيل، إذ تقول إلهام الشيخ، وهي تقلب الأرغفة داخل الفرن :«أصحو في الخامسة فجرًا، أخبز 700 رغيف لعشرين عائلة».
وتضيف «إلهام»: «أخبز على فرن الطين في ظل انقطاع الكهرباء، أواجه صعوبة كبيرة لعدم توفر كميات كافية من الحطب».
ومع هذه الظروف المأساوية، توفر بعض الخلايا الشمسية ساعات قليلة من الكهرباء يستغلونها النازحون في شحن هواتفهم المحمولة وتسلية الأطفال ببرامج الرسوم المتحركة، في حين يستخدم البعض الأعمدة الخشبية والشوادر البلاستيكية لصناعة خيم لم تقهم من الأمطار التي تشتد يومًا بعد يوم، خاصة أنّهم لا يملكون مزيد من الملابس كي تقيهم من برد الشتاء الذي يقترب عليهم.