جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بحق الشعب الفلسطيني على مدار 36 يوما، تجاوز معها عدد الشهداء الـ11 ألفًا معظمهم من النساء والأطفال بعدما تعمّد جيش الاحتلال قصف المستشفيات والكنائس التي تأوي المدنيين والعُزل، وهو الأمر الذي استدعى أن تكون المقابر الجماعية هي الحل أمام أهالي غزة في ظل تكثيف الغارات الجوية والقصف المدفعي.
حفار قبور فلسطيني يروي مشاهد مأساوية
حفار القبور الفلسطيني سعدي بركة 63 عامًا، يروي في مقطع فيديو مصور، بعض المشاهد المأساوية التي يعيشها يوميًا أثناء عملية دفن الشهداء من الأطفال والنساء منذ بدء أحداث الإرهاب على الشعب الفلسطيني، فعلى الرغم من أنّه أمضى حياته في مهنة حفر القبور، إلا أن ما يشهده حاليًا لا يقارن بكل ما مضى، لدرجة أنه لا يستطيع النوم والأكل: «والله العظيم ما بعرف النوم من شوفة الأولاد الصغار هادول، والله العظيم إشي كئيب جدًا، الواحد نفسه ياكل لكن مفيش مجال أنك تاكل من الشوفات اللي بتشوفها، حسبي الله ونعم الوكيل».
وفي حديثه لوكالة «الأناضول» التركية، يقول إنّ الشعب الفلسطيني ليس في حاجة إلى المساعدات الإنسانية والطعام التي يستقبلها من الدول العربية، بل يبحثون عن العيش بحرية وكرامة بعيدًا عن الحرب كأي مواطن في أي دولة عربية أو أوروبية، فهم ينادون بالحرية منذ أيام الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات: «احنا بنجري ورا السلام من أيام أبو عمار الله يرحمه وهم مبدهمش إلا الدم، إيش نسوي احنا! احنا لا بدنا ناكل ولا نشرب، بدنا بس يكون عندنا كرامة وحرية».
وعلى مدار عمله في مهنة حفر القبور، يقول «بركة» إنّه لم يرَ حتى اليوم إجرامًا كهذا بحق الأطفال والنساء والشيوخ حتى عند النازية التي يتحدثون عنها، وقد اضطر الرجل الستيني إلى دفن الموتى في المقابر الجماعية بسبب عدم وجود مكان يتسع لهذه الأعداد من الجثامين يوميًا، ولا يوجد بلوك «ألواح إسمنتية توضع فوق الجثامين في القبور»: «صرنا نلم من الروابش ألواح حتى نغطي ونستر الجثث».
دفن أكثر من 600 شهيد في يوم واحد
وقبل يوم، دفن الشيخ سعدي بركة أكثر من 600 شهيد، وهو العدد الذي تخطى ما دفنه حفار القبور الفلسطيني خلال الخمس سنوات الماضية مجتمعة في غزة: «اضطرينا للمقابر الجماعية لأنّ مفيش وسع، مفيش بلوك ولا بلاط ولا لوح زينكو، حتى المياه مش موجودة، كل شيء انفقد من غزة، يعني مساحة القبر الـ6 متر بحط فيها تقريبًا 43 أو 45 شهيد من الأطفال والنساء».
ويقول الشيخ «بركة» إنّ معظم الجثامين تظل عالقة تحت الأنقاض نظرًا لعدم توافر الآليات لرفع الردم وانتشالهم من تحته، أما الجثامين مجهولة الهوية فتدفن كغيرها من الجثامين، مُستبعدًا إمكانية فتح القبور بعد انتهاء الحرب للتعرف على أصحابها.