سنوات عدة قضتها «إلهام» في بداية زواجها في سعادة وغنى مع «الشيخ محمد»، لتنجب منه 3 أبناء، ومع مرور السنون يصبح أكبرهم مريضًا عاجزًا عن العمل والأوسط متوفيًا والأصغر عائلًا لها دون زواج، لينتهي بها الحال وهي في العقد التاسع من عمرها إلى ملازمة رصيف الشارع وهي لا تملك سوى وسادة مُتحجرة وغطاء مُتهالك.
استرجاع ذكريات الحب مع
حالة من الحب ورثاء الأيام سيطرت على إلهام عبدالهادي، صاحبة الـ 83 عامًا وهي تعود بذاكرتها إلى الوراء لتسترجع في حديث لـ«»، ذكرياتها مع ذاك الزوج الطيب الذي لا يزال مالكًا على قلبها: «الشيخ محمد كان إمام مسجد، وإتجوزته وأنا في إعدادي مع أنه أكبر مني بكتير بس أنا حبيته وأصريت ماخدش حد غيره ورفضت كل اللي كانوا متقدمين لي.. كنت وقتها في إعدادي في الأزهر وهو كان بيذاكر لي».
دبلومة في الشريعة الإسلامية
كل هذا الحب والتشجيع من الزوج ساعد «إلهام» على المواظبة في دراستها في الأزهر لتستكملها بتفوق ومن ثم تبدأ إعداد دبلومة في الشريعة الإسلامية ويشرف عليها الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف السابق، والتي حصلت عليها بتقدير جيد جدًا عام 1963.
تحكي «إلهام» عن زوجها الذي توفاه الله وهي لا تزال في الـ 28 من عمرها، أنه كان نعم الزوج والأب والحبيب، وهذا ما دفعها بعد وفاته إلى الهرروب من أهلها في المنصورة واللجوء للقاهرة لتتخلص من محاولاتهم رغمها على الزواج مرة أخرى.
«إلهام»: جيت القاهرة وأشتغلت في البيوت علشان أربي عيالي
«جيت القاهرة أنا وعيالي التلاتة بسام وعيد وعمر كانوا أطفال وإشتغلت في مسح البيوت، وفي يوم شافني واحد اسمه اللواء جمال ولما عرف قصتي جابلي شقة ودخل عيالي المدارس وبقى يصرف عليهم.. ولما عيالي كبروا كانوا شغالين ومبسوطين وكانوا ملبسيني الدهب»، هكذا قالت «إلهام»، وإنها ظلت في هذا الرغد من العيش إلى أن أُصيب ابنها الأوسط «عيد» بالفشل الكلوي ودخل في دوامة الغسيل، وعلى الرغم من تَبَرُع أخيه الأكبر «بسام» بكلية له، إلا أنه انتهى به الأمر إلى الوفاة تاركًا زوجة و3 أبناء.
سجن الابن الأصغر
«ابني عيد كان واخد عفش لبيته بـ 30 ألف من شركة وكان مسدد منها 10 آلاف ومقدرش يسدد الباقي لأننا صرفنا كل اللي معانا على علاجه قبل ما يتوفى، وكان عمر أخوه ضامنه.. بعد وفاته الشركة اتهمته أنه عليه 100 ألف وسجنت عمر 9 سنين، ولما خرج من السجن مقدرش يتجوز وأنا طلبت من ابني الكبير بسام أنه يتجوز مرات أخوه عيد علشان أحافظ على أحفادي.. ودلوقتي بسام تبعان ومش قادر يصرف على عياله وعيال أخوه 6 أطفال غير 2 ستات وخاصة أن عنده كلية واحدة».
«إلهام»: قاعدة في الشارع وبحتاج علاج بـ 6000 جنيه
نتيجة لكل هذا لم تجد «إلهام»، وهي مريضة بسرطان في العظام تحتاج لعلاج شهري بـ 6000 جنيه، سوى الشارع ملجئًا لها، لتتم الآن نحو 6 أشهر متواصلة لم تغادر خلالها الرصيف، تنتظر من يتعطف عليها ببعض الجنيهات تُساعد بها ابنها الأكبر صاحب الـ63 عامًا، والذي يعيش في حي بولاق الدكرور ويتكبد بـ 800 جنيه كإيجار شهري.
«ابني الصغير عمر عنده 43 سنة وساكن بـ 500 جنيه.. بيحاول يجيني من وقت للتاني يساعدني أدخل الحمام أو أتوضأ.. طلعت في برنامج على التليفزيون وأتبرعولي بكشك وكتب أبيعها، بس لما جات كورونا والجامعات قفلت معرفتش أشتغل وبعد كدا المرض تمكن مني ومبقتش قادرة أتحرك».