| حكاية مقال الفنانة كريمان عن صيامها أطول يوم في رمضان.. «عمتها ضحكت عليها»

14 عاما من النجومية والفن، أفلام ومسرحيات شهيرة ومعروفة، وأدوار تليها أدوار ومساحات تتسع لها وتكبر، هكذا قضت الفنانة كريمان حياتها الفنية خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات، قبل أن تبتعد عن الفن وترتدي الحجاب، وتصارع المرض حتى وفاتها اليوم، عن عمر ناهز 86 عاما، وفقا لما أعلنه ابنها عبر «فيسبوك».

حكاية أطول يوم صامته كريمان في رمضان

لم يكن التمثيل هو الهواية الوحيدة فقط للفنانة الراحلة كريمان، بل كانت الكتابة إحدى المواهب القوية لديها، إذ كتبت بعض المقالات، ذاع صيت إحداها، والتي جاءت بعنوان «مقلب أول يوم»، وحكت خلاله تجربتها مع الصوم على الطريقة التركية، ومعايشتها لأجواء شهر رمضان الكريم هناك، وما حدث معها وهي في عمر الثامنة رفقة أهلها.

وجاء في المقال الذي كتبته الفنانة كريمان: «لم أكن أعرف التقاليد التركية في شهر رمضان، فطاب لي أن ألمسها بنفسي ولكن حدث في اليوم الأول من الشهر المبارك ما لم يكن في الحسبان، أذكر أنني بدأت أصوم رمضان في سن الثامنة، وقد حاولت أمي أن تمنعني من الصيام في تلك السن المبكرة، ولكني أصررت عليه وتحملت متاعبه رغم أنني كنت أحس جوعاً شديداً، تحملت لأنني أعتبر الصوم رياضة تستلزم إرادة قوية، وقد كان يهمني أن أبدو في صورة ذات الإرادة القوية».

وأضافت خلال مقالها في مجلة الكواكب: «وفي رمضان التالي شاءت الظروف أن أكون في إسطنبول، وقد ذهبنا إليها قبل رمضان بعشرة أيام لنزور عمتي التي تقيم بها ولنرى عاصمة العثمانيين في صيفها الرائع، وحاولت عمتي كما فعلت أمي أن تثنيني عن الصيام فرفضت، وأحسست أنها قد اشتركت مع أبي في وضع خطة لإرغامي على الإفطار وعرفت بطرقي الخاصة أن الخطة هي أن أترك نائمة فلا أتناول طعام السحور وبالتالي لا أستطيع مقاومة الجوع في اليوم التالي، ولهذا ما كادت عمتي تطفئ النور في حجرة النوم حتى جلست في الفراش حتى لا أنام ورحت أقاوم النعاس بصبر، وكان رأسي يميل على جسدي فأرفعه بسرعة وأعود قسراً إلى اليقظة حتى حان موعد السحور فتظاهرت بأنني نائمة لأرى ما تسفر عنه الخطة».

وأوضحت في مقالها الذي نُشر عام 1954: «وجدتهم يتسللون إلى غرفة الطعام وهم يتهامسون، وإذ ذاك نهضت من الفراش وجلست على المائدة، فراحوا ينظرون إلى بعضهم بدهشة، ولا ينبسون ببنت شفة، وهكذا استطعت أن أصوم، وفي صباح اليوم التالي قلت لعمتي: «المدفع اللي بيضرب علشان الفطار بيبقى فين يا عمتي؟» فقالت: «مفيش يا بنتي في إسطنبول مدافع، إحنا عندنا المآذن تنور علشان الناس تفطر، المدافع في مصر بس».

سر أضواء المئذنة التي خدعت كريمان

وأكملت كريمان: «انتهيت من سمري العذب مع عمتي عن تقاليد الأتراك في الظهيرة، فمضيت أقرأ في كتاب حتى أدركني النعاس فنمت طويلاً، واستيقظت لأجد الساعة قد تجاوزت الرابعة، وأنتم تعلمون أن أشق أيام رمضان هو اليوم الأول أما الأيام التالية فيبدأ المرء في التعود على النظام الجديد.. لهذا أحسست بالجوع عندما استيقظت من النوم، وبدا علىّ الضعف والوهن.. وقد رأيت أن أخفي ضعفي ووهني عن عمتي حتى لا تقول إنني لا أستطيع الصيام، فأخذت أولاد عمتي ونزلنا إلى حديقة البيت لنلهو حتى تضاء أنوار المآذن».

وجاء في مقالها: «وراح أولاد عمتي يتحدثون، ولكني اقتصدت في الحديث معهم وتعلقت عيني بمئذنة جامع كنت أراها على بعد وأنا جالسة على مقعدي تحت شجرة وارفة الظلال، ومضى الوقت بطيئاً وخُيّل إلىّ أن عقرب الساعة لا يتحرك، وأكملنا اللعب بمضي الوقت ونظرت إلى الساعة ثانية فإذا بموعد الإفطار وشيك، فتركت اللعب وعدت إلى مقعدي أحدق في مئذنة المسجد، ومضت الدقائق والمئذنة لا تضيء، وأحسست بالجوع يفري أمعائي».

واختتمت الفنانة الراحلة مقالها: «ووجدت عمتي تغادر المائدة بعد أن تناولت طعام الإفطار مع أبي، وقالت لنا إنها اعتقدت أننا خرجنا فمضت تنتظر عودتنا دون جدوى ولهذا أفطرت، وسألتها عن المئذنة التي لم تضئ أنوارها فقالت إن هذه المئذنة بالذات قد قطع منها التيار بسبب خلل في الأسلاك، ونزلنا على الطعام كالوحوش، وكانت هذه أطول مدة أصوم فيها فقد أكلت بعد موعد الإفطار بثلاثة أرباع الساعة، وكان السبب هو الطريقة التركية في الإفطار».