سنوات عديدة مرت عليهم وهم يتجولون في الشوراع، لا يعرفون أين يذهبون، يفترشون الأرصفة ويقضون ليالٍ قاسية في الظلمات، لا شيء يشعرهم بالدفء سوى بعض الأوراق الممزقة المتناثرة حولهم، والتي يصنعون منها غطاء في محاولة يائسة للحماية من برودة الطقس في فصل الشتاء، يخافهم الناس، حالة استمروا عليها لسنوات عديدة قبل أن تتغير حياتهم، وتتبدل أمورهم، ليصبحوا أفراد لهم دور مؤثر في المجتمع، ويندمجوا مع غيرهم.
«» تستضيف خمسة مشردين: حياتنا اتغيرت
استضافت «» خمسة أشخاص ممن قرروا تغيير حياتهم للأحسن، بعدما تمكنت مؤسسة «معانا لإنقاذ إنسان» من دمجهم مع غيرهم ومنحهم واجبات معينة، بحسب المهندس محمود وحيد، رئيس مجلس إدارة المؤسسة، والذي أكد أن الفريق التابع لهم يقدم خدمات جليلة للمشردين بشكل عام، حيث يتجولون في الشوارع للعثور عليهم وإنقاذهم مما هم فيه، إلى جانب تلقي بلاغات المتغيبين لمساعدة ذويهم في العثور عليهم «مجرد إبلاغنا بحالة، بنروح نقدم لها الدعم الطبي الكامل، وبعد دخول الدار بنبدأ في مرحلة تجهيزه من خلال العيادة وعرضه على متخصصين، علشان ينال الرعاية الكاملة».
«عبدالوهاب».. بلا مأوى بعد 35 عاما في إيطاليا
بعد أن عاش في إيطاليا لمدة 35 عاما، قرر «عبدالوهاب» العودة إلى القاهرة بعدما تمكن فيروس كورونا من اجتياح العالم، وتسبب في تعطيل كافة الأنشطة، ولكن صدمته كانت أقوى من إصابته بالفيروس، عندما عاد ولم يجد أحد في استقباله، لم يتبق من أسرته أحد: «فضلت ألف في الشوراع ملقتش حد ليا، وواحد صاحبي قالي روح دار للمشردين وفعلا حياتي اتغيرت للأحسن».
«محمد».. طرده أشقائه بعد وفاة والديه
لم تمهل الحياة «محمد» فرصة لتنمية موهبته في عزف البيانو بعدما توفي والدته ووالده في ظروف غامضة، وقام شقيقه بطرده من المنزل، ليصبح مصيره التشرد القاسي، حيث ظل عامين ينام في الشوارع: «كنت بعيط كتير، وبتصعب عليا نفسي وكنت باكل من الزبالة».
«حمدي».. أصيب بالشلل ووجد نفسه في الشارع
قصة «حمدي» أكثر صعوبة بعدما خدعه إخوته وباعو المنزل، ليجد نفسه في الشارع، صدمته تلك أصابته بشلل نصفي، وكان يبيت في الشارع وهو لا يقوى على الحركة: «كنت مشلول ومش عارف أتحرك، والكلاب كانت بتتلم حواليا ومبعرفش أعمل لهم حاجة، فضلت سنة على الوضع ده».
«نورة».. قررت ترك المنزل برغبتها
تختلف حكاية «نورة» كثيرا عنهم، وذلك لأنها قررت برغبتها الخروج من منزلها بعدما توفي والديها، وجلست عدة أشهر في الشارع بالقرب من أحد الكباري: «كنت بنام في الشارع لحد ما ناس قالولي مينفعش قاعدتك دي أنتي بنت، وكده مينفعش، المؤسسة أنقذتني واتجوزت من الدار وعايشة دلوقتي بره في شقة لوحدي».
«صلاح الدين».. سنوات من المعاناة
صلاح الدين عبدالحميد، زوج «نورة»، عانى هو الآخر لسنوات عديدة، بعدما تراكمت عليه الديون وأصبح لا يقوى على سدادها، ولم يجد أمامه سوى أن ينام داخل السيارة التي كان يعمل عليها، ظل 5 سنوات على تلك الحالة: «حاولت مرتين انتحر لحد ما ربنا كرمني والدار أنقذتني ودلوقتي شغال معاهم سواق».
زادت أحلام الخمسة أشخاص كثيرا، وأصبحوا يتمنون إعادة النظر في أوضاع المشردين بالشوارع، مؤكدين أن الشارع به الأسوياء وغير الصالحين، ولا يصح الحكم عليهم لمجرد وجودهم في الشارع إن كانوا صالحين أم لا، كما تمنوا أن تتغير نظرة المجتمع لهم بعدما نجحوا في الاندماج مع الدار وتقديم خدمات لغيرهم، وهو ما يشير إلى قدرتهم على النجاح وتحقيق الذات.