حالة مرضية نادرة تعاني منها طفلة لم يتجاوز عمرها الـ6 أعوام، بسبب حالة وراثية تحرمها من تناول الطعام خاصة البروتينات الحيوانية والنباتية، ما يجعلها لا تواكب أقرانها من نفس عمرها، لتفشل كل محاولات أسرتها لتوفير الأكل المناسب وتعرضهم للكثير من الصعوبات.
أصيبت الطفلة «حياة»، بمرض PKU الوراثي الذي يسبب تراكم حمض أميني في الجسم يُسمى «فينيل آلانين»، ينتج عنه ارتفاع «الفينيل كيتون» في البول بسبب عيب في الجين الذي يساعد على تكوين الأنزيم اللازم لتحليل هذا الحمض، وفقا لوالدتها مي عادل، إذ جرى تشخيصها بالمرض في عمر الـ3 أعوام.
چينات وراثية سبب معاناة «حياة»
قبل 3 أعوام، لاحظت الأم تأخر صغيرتها في الكلام والحركة عن غيرها من الأطفال في نفس عمرها: «كان عندها قلة انتباه في الحركة والتركيز، وكانت المفروض تقعد على 8 أشهر واتأخرت جدًا»، لتسارع حينها إلى زيارة الأطباء، لتصطدم بأزمة أخرى.
تشخيص خاطئ من أطباء المخ والأعصاب، كان أول تلك الصدمات، إذ زعموا أنّ الطفلة مصابة بضمور في المخ وتوحد، إلا أنّه تم اكتشاف حالتها من أحد أطباء الوراثة، بحسب ما تروي والدتها لـ«»: «الدكتور قالي إنّ ده مرض وراثي ناتج من چين عند الأب وآخر عند الأم ينتج عنه الـPKU».
منع الطعام عن «حياة» هو الحل
المؤلم بشدة لأسرة «حياة» المقيمة بالفيوم، هو أنه لا يوجد أي نوع من العلاج يمكن أن تتلقاه صغيرتهم لمواجهة ذلك المرض الوراثي حتى الآن، سوى باتباع نظام غذائي معين متمثل في بعض الألبان والأكلات الخاصة، فامتناع الطفلة عن الطعام هو علاجها، بحسب وصف الأم.
«أي حاجة معمولة من الدقيق ممنوعة عنها»، هكذا تعيش صاحبة الـ6 أعوام فترة طفولتها ممنوعة من كل أنواع المخبوزات والحلويات والبقوليات والمكسرات ومنتجات الألبان بكل أشكالها، وتكتفي فقط بأنواع من المكرونة ولسان العصفور والألبان التي تُطرح خصيصًا لمرضى PKU، إذ تتراوح تكلفة هذا الطعام خلال الشهر بين 1500 و2000 جنيه، ويصل كيلو الدقيق من تلك الأنواع لنحو 35 جنيهًا: «الأكل ده بنجيبه من القاهرة ومفيش ناس كتير بتعمله وسعره غالي جدًا»، وفقا لمي عادل.
ومن أكثر الصعوبات التي تواجه الأم، هو عدم انتظام الصغيرة بالطعام المخصص لها وتناول بعض الأطعمة التي يُمكن أن تتسبب في تأخر حالتها: «حياة زيها زي الأطفال بتشبط كتير في أكل مش مناسب ليها خاصة مع زمايلها في الحضانة»، وبسبب ذلك تجري الأم تحليل دوري كل شهر للاطمئنان على نسبة مادة «الفينيل» ومدى ارتفاعها، والتي يمكن أن تؤثر سلبيًا على وظائف المخ.
تحاول «مي» أن تصنع تلك الأطعمة المناسبة لحالتها في البيت وذلك من تحضير المعجنات التي تفضلها كالبيتزا والمكرونة باستخدام الدقيق الخاص بها لمنعها من أي بروتينات أو ألبان: «أوقات بعمل الأكل بمياه عشان تعرف تاكل معانا لأنّ شوربة البروتين نفسها ممنوعة»، إذ أنّ أكل الطفلة على مدار اليوم يكون محسوبًا بالجرامات: «ليها واحدة بطاطس مثلًا أو 3 معالق أرز».
صفحة على فيسبوك للتوعية بمرض الطفلة «حياة»
بعد تلك المعاناة، قررت الأم نقل تجربة مرض ابنتها لغيرها من الأمهات، لذا أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، للتوعية بمخاطر المرض، فضلًا عن نشر وصفات مناسبة للأطفال المصابين بنفس المرضي، إذ تقول «مي»: «لو عملت وصفة ونجحت معايا بصورها وبنزلها على الجروب عشان غيري يستفيد منها، وفيه أمهات كتير بيكلموني عشان يسألوا على الطريقة».
وبصوت هادئ ممتلئ بالحزن، عبرت الأم عن معاناتها من مرض طفلتها النادر، وأملها في التوصل إلى علاج يسمح للطفل بتناول كمية مناسبة من البروتين والألبان، كما تأمل أيضًا في الحصول على الدعم المناسب على الأطعمة الخاصة بهذا المرض: «نفسي الأكل يكون مدعم عشان في أسر كتير مبتقدرش تجيب الأكل ده بسبب سعره الغالي».