تجربة علمية مميزة خاضها عادل فهمي، ابن محافظة القليوبية؛ فبعد التحاقه بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، قبل أكثر من 40 عامًا، وإتمامه العام الدراسي الأول والثاني، اضطر لتركها والتفرغ للعمل لتحسين الظروف المعيشية لأسرته، لا سيما في ظل وفاة الأب وتحمُله مسؤولية باقي أشقائه الـ9، وبعد مرور سنوات طويلة، أدى خلالها دوره تجاه أشقائه ووالدته على أكمل وجه، عاد حلم الطب يراوده مرة أخرى، ليقرر بعدها العودة إلى كليته التي تخرَّج فيها العام قبل الماضي، وهو في الستين من عمره.
«عادل» يروي قصة تخليه عن كلية الطب
في البداية روى «عادل»، صاحب الـ61 عامًا، لـ«»، أنه بعد حصوله على الثانوية الأزهرية، التحق بكلية الطب جامعة الأزهر بالقاهرة، وكانت هوايته المفضلة خلال هذه الفترة هي رياضة الرماية، التي مارسها وتفوَّق فيها للدرجة التي مكنته من حصد عدة بطولات، وأنه بعد إتمامه العام الدراسي الأول والثاني بالكلية جاءته فرصة عمل كضابط جوي بمطار القاهرة لتفوقه في الرماية، ولأنها كانت بمقابل مادي مُغري، قرر ترك كليته والتفرغ للعمل: «وقتها كان والدي متوفي، واحنا 10 أخوات مع بعض، فكنت أنا وأخويا الكبير شايلين مسؤولية الأسرة علشان كده حبيت اشتغل وأساعدهم».
مرت سنوات طويلة على «عادل»، ابن قرية الجبل الأصفر بمركز الخانكة محافظة القليوبية، وهو يمارس عمله الجديد، تنقل خلالها بين بلاد كثيرة، وجنى من المال ما مكنه من تحسين الظروف المعيشية لأسرته، وأيضًا الزواج وتربية أبنائه وتعليمهم: «الحمد لله كانت تجربة حلوة جدًا بالنسبالي زرت فيها بلاد كتير وعملت فلوس كويسة».
العودة إلى كلية الطب
كان الالتحاق بكلية الطب بالنسبة لـ«عادل» بمثابة حلمٌ لطيفٌ غير مُزعج، وضيفٌ ذكيٌ يعرف متى يرحل في هدوء ومتى ينادي بقوة وإصرار؛ فبعد ما وصل «عادل» إلى درجة جيدة من الاطمئنان على أسرتيه الكبيرة والصغيرة، عاد الحلم يراوده وبقوة، مصحوبًا بالذكريات وأمنيات الطفولة والصبى ولهفة قلب والدته لرؤيته طبيبًا، ليقرر في عام 2008 العودة إلى بيته «كلية طب الأزهر» الذي تركه قبل أكثر من 40 عامًا، يخوض تجربة الدراسة من جديد، ويواظب على المذاكرة رفقة أولاده وأسرته كما لو كانوا «شلة» أصدقاء: «كنت بقعد أنا وأولادي ومراتي نذاكر مع بعض، وكان ممنوع عندنا الإنترنت خالص، والتليفزيون مكناش بنشغله غير وقت الإجازة فقط»، وأنه لأسباب معينة ارتبط بعضها بظروف عمله وتوليه إدارة شؤون أسرته، قضى في الكلية 14 عامًا، وتخرَّج في ديسمبر 2022.
لم يتشارك ابن محافظة القلوبية وزوجته الحب والحياة فحسب، وإنما جمعهما حب التعليم أيضًا؛ فبعد ما كانت الشهادة العلمية للزوجة مقتصرة فقط على دبلوم فني تجاري، راحت تلتحق بعد الزواج بمعهد فني تجاري، ومنه إلى كلية التجارة جامعة عين شمس، وبعد التخرج حصلت على دبلومتين في المحاسبة المالية، وعوضًا عن الاكتفاء بذلك، التحقت بـ كلية الحقوق بالجامعة نفسها، وبعدها درجة الماجستير في القانون الجنائي، بحسب «عادل»، الذي أضاف أنه حاليًا في سنة «الإمتياز»، ويؤدي عمله كممارس عام بمستشفى الحسيني الجامعي بالقاهرة.