تأتي يوميا من الـ7 صباحا لتجلس على أرصفة أحد الشوارع، بجسدها المُنهك وقسمات وجهها التي تبرز معالم شيخوختها وآلامها، تضع أمامها القفص الخشبي الصغير وعليه عدد قليل من علب المناديل وتتخذ من بيعها سبيلا لمواجهة ظروف الحياة ورعاية ابنها المريض.
السبعينية خضرة: ابني مريض وبجري على لقمة عيشي
«جوزي اتوفى من 25 سنة، وعايشة أنا وابني، وهو مريض بتعب في المخ وأنا اللي بعوله لأن مراته خلعته وهو مبيشتغلش ولا بيطلع من البيت»، هكذا حكت خضرة مرزوق، 77 عاما، ابنة حي دار السلام بالقاهرة، في حديثها لـ«».
توفي زوجها وترك لها معاش 1500 جنيه شهريا، إلا أنه لا يغطي مصاريف تلك الأسرة التي تتكبد شهريا أموالاً لا تقوى على تحملها، مضيفة «خضرة»: «بدفع 550 جنيه إيجار للشقة، وعليا 325 جنيه فواتير غاز متراكمة، وأكتر من 1000 جنيه مياه لأني مدفعتش من 5 شهور، والكهرباء مدفعتش من شهر 9».
اتخذت الحاجة «خضرة»، من بيع المناديل على أرصفة الشوارع، وسيلة للمعيشة والتكفل برعاية ابنها المريض صاحب الـ50 عاما، والعاجز عن العمل بسبب إعاقته، كما أنها لديها ابن وابنه آخرين لكنهما بعدا عنهما تماما: «عندي ولد وبنت متجوزين بس مبشوفهمش ولا بيصرفوا عليا»، بحسب خضرة مرزوق، التي أوضحت أن ابنها المريض يحتاج لعلاج بـ 200 جنيه شهريا.
من الـ7 صباحا إلى ما بعد الظهر، هو الوقت الذي تظل فيه «خضرة»، تتكبد الآلام وتتحامل على جسدها المريض، لتعود بعدها إلى منزلها وهي تحمل جنيهات معدودة تساعدها على العيش والإنفاق على ابنها: «أي حد بيديني حاجة بجمعها على فلوس المناديل، ودول على دول أجيب تمن الأكل وأروَّح».
خلف مجلس «خضرة» قفصها ومعها شنطة بلاستيكية صغيرة تحوي علاجها، فهي مريضة ضغط وسكر؛ لتأخذ منه في المواعيد المحددة، وأيضا رغبة في أن تجد من يساعدها ويشتري لها ما نفد من العلاج: «ولاد الحلال هما اللي بيشترولي علاجي».
هكذا قالت خضرة مرزوق، والتي لا تتمنى سوى شقة بدون إيجار تسكن بها مع ابنها لعدم قدرتها على دفع الإيجار: «مش عايزة غير مكان أقعد فيه لأن الشقة اللي أنا فيها غالية عليا».