الوفاة – صورة تعبيرية
في الساعات والأيام التي تلي وفاتنا، ينهار الجسم ويمر بمراحل عديدة، ويتغير لونه عدة مرات، وفي النهاية يتعفن ويتحول إلى كومة من العظام، يتغير موضع وتماسك دمنا أيضًا قليلًا خلال هذه العملية، ويمكن أن تساعد المراحل المختلفة قبل دفن الموتى على تحديد الوقت الذي قد تكون فيه ميتًا.
الأشخاص بعد الموت لديهم تجارب تشبه الحلم
وتشير دراسة حديثة نشرتها صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، إلى أنّ الأشخاص الذين يتم إحياؤهم بعد تجارب الاقتراب من الموت، يكون لا يزال لديهم ذكريات ويفهمون ما يحدث حولهم لمدة تصل إلى ساعة بعد توقف قلبهم، إذ وجدت الدراسة الأولى من نوعها، التي تابعت الأشخاص الناجين من السكتة القلبية، أنّ ما يقرب من 40% من الأشخاص الذين يخضعون للإنعاش القلبي الرئوي لديهم ذكريات، أو تجارب تشبه الحلم، أو بعض التصور لما يحدث حولهم.
وكان الباحثون عملوا لفترات طويلة لفهم طبيعة ما يحدث بعد الموت، إذ توفر هذه الدراسة نظرة ثاقبة للعالم غير المفهوم لتجارب الاقتراب من الموت، وكتب الباحثون أن هذه العمليات قد تفتح الوصول إلى أبعاد جديدة للواقع، وتفتح الباب أمام استكشاف منهجي لما يحدث عندما يموت الشخص، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُلهم النتائج علاجات جديدة لإعادة تشغيل القلب ومنع إصابات الدماغ.
وقال الدكتور سام بارنيا، كبير مؤلفي الدراسة وطبيب الرعاية الحرجة في جامعة نيويورك لانجون في مدينة نيويورك : «على الرغم من أن الأطباء اعتقدوا منذ فترة طويلة أن الدماغ يعاني من ضرر دائم بعد حوالي 10 دقائق من توقف القلب عن إمداده بالأكسجين، إلا أن عملنا وجد أنّه يمكن أن يُظهر الدماغ علامات التعافي الكهربائي لفترة طويلة خلال عملية الإنعاش القلبي الرئوي المستمرة».
وأضاف كبير مؤلفي الدراسة: «هذه هي أول دراسة كبيرة تظهر أن هذه الذكريات والتغيرات في موجات الدماغ قد تكون علامات على عناصر عالمية مشتركة لما يسمى بتجارب الاقتراب من الموت».
الدراسة، التي نشرت يوم الخميس في مجلة الإنعاش، فحصت 567 مريضًا في 25 مستشفى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تم إنعاشهم بعد تعرضهم لسكتات قلبية بين مايو 2017 ومارس 2020، ومع ذلك، نجا أقل من 10% فقط، ومن بين هؤلاء الناجين الـ53، أجرى الباحثون مقابلات مع 28 منهم.
ونظر الباحثون إلى نشاط موجات الدماغ واختبروا ما إذا كان المشاركون يستطيعون تذكر مشاهد وأصوات معينة. أثناء الإنعاش، إذ وضعوا سماعات الرأس على المرضى وقاموا بتشغيل ثلاث كلمات – تفاحة، وكمثرى، وموز – أثناء استخدام جهاز لوحي لعرض 10 صور، إذ تذكّر واحد فقط من المشاركين الـ 28 بشكل صحيح تسلسل الكلمات، ولم يتمكن أي منهم من تذكر الصور.
في حيان أفاد نحو 11 ناجيًا أن لديهم ذكريات أو تصورات تشير إلى أنهم كانوا واعيين إلى حد ما على الأقل أثناء إحيائهم، كان لديهم على الأقل بعض الوظائف العقلية بناءً على مستويات الأكسجين والنشاط المقاسة في الدماغ، ويتذكر بعض المرضى تجارب تشبه الحلم، مثل مطاردة الشرطة لهم أو الوقوع تحت المطر.
أستاذ الطب الشرعي تكشف مفاجأة بشأن الخلايا بعد الموت
وتقول الدكتورة سمر عبدالعظيم، أستاذ الطب الشرعي بجامعة عين شمس، تعليقًا على هذه الدراسة المنشورة حديثًا، إنّ قلب الإنسان عندما يتوقف يمرّ بمرحلة Cell life cycle التي تعرف بدورة حياة الخلية أو فترة عمر الخلية، إذ تكون خلايا جسم الإنسان حية لفترة بعد انقطاع الدم عنها، وعادة ما تعيش بعض الخلايا لفترة أطول من غيرها، مشيرة إلى أنّ نتائج الدراسة التي تقول إن خلايا المخ يمكنها أن تظل لمدة ساعة أمر مبالغ فيه، إذ يمكن أن تظل خلايا المخ حية بالفعل لمدة 15 دقيقة بحد أقصى بعد انقطاع الدورة الدموية.
وأضافت أستاذ الطب الشرعي لـ«» أنّ هذه الدراسة تحتاج إلى تدعيمها بعدة دراسات أخرى إضافية خاصة وأنّ هذا الدراسة جرى إجرائها على عدد محدود من الحالات، أما كون الإنسان يكون واعيًا بعد الموت الفعلي لا ندري عنها شيئًا: «ممكن نسمع قصص كتير لكن الحقيقة هي اللي بنشوفها في الدراسة المعملية، وكون أنه بيحلم أو في حالة حلم دي كلها تكهّنات، ومش بسهولة نعرف ده حقيقي ولا لأ».
ولمعرفة درجة وعي الإنسان بعد الموت الفعلي، تقول أستاذ الطب الشرعي إنّه يشترط لإتمام هذه العملية الاستعانة بجهاز يلتقط النشاط الخلوي في المخ، وفي حال كانت الدراسة اعتمدت على هذا الجهاز تصح الدراسة ولكن ما تم نشره خلال الدراسة يعتمد على كون الخلية لها عمر معين بعد الوفاة.
وتقول الدكتورة سمر عبدالعظيم إنّ الوفاة عبارة عن عملية مرحلية لا تتم في وقت واحد، إذ يتعرض الشخص في البداية لهبوط في الدورة الدموية، وتستغرق الخلايا بعض الوقت حتى تتلف نتيجة لانعدام الأكسجين في الدورة الدموية، أما كون الشخص بعد الوفاة يكون واعيًا أو في حالة حلم من غير الممكن إدراكها أو إثباتها بطرق علمية: «في الفترة اللي القلب مبيرجعش فيها تاني يدق، بيبقى لسة الخلايا صاحية، وهي دي الفترة اللي بنقدر فيها ناخد أعضاء للزراعة لأنها بتكون لسة صاحية ونقدر نلحقها قبل ما تتوفى، والشخص وقتها حسب القانون العالمي بيكون متوفي، لكن الخلايا نفسها بيكون لها عمر قبل ما تنتهي، لكن الخلايا الحيوية بتاعة الجسم انتهت والقلب وقت والتنفس انقطع».