هلَّ علينا شهر رمضان بالكثير من الخيرات والرحمات والبركات، وجعله الله شهرًا لمغفرة الذنوب والعتق من النيران، وأيامه وأوقاته من أفضل الأيام التي يستجاب فيها الدعاء، وبه ليلة تعد الأعظم على الإطلاق، بل يبلغ فضلها أنها تعدل ألف شهر.
وبسبب هذه الفضائل التي يحتوي عليها ذلك الشهر الكريم، نقدم لكم دعاء أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأصى به «كرم الله وجه» بعض الناس، وقال إنه لو كان عليك مثل جبل من الدين، لأداه الله عنك بفضل هذا الدعاء.
دعاء لقضاء الدين
ورد عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أنَّ مُكاتبًا جاءه فقال: «إني قد عجزتُ عن مُكاتبتي، فأعني قال: ألا أُعلِّمك كلمات علَّمنيهنَّ رسولُ الله ﷺ، لو كان عليك مثل جبل صيرٍ دَيْنًا أدَّاه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك»، وهو حديث أخرجه الترمذي، وقال: حسنٌ غريبٌ.
معنى الحديث
ورد في الحديث لفظ «المكاتَب» بفتح التاء، هو الذي عُلِّق عتقُه على مالٍ مُعينٍ مُحددٍ يدفعه لسيده نجومًا، يعني: يُعطيه في كل شهرٍ مثلاً مبلغًا مُحددًا حتى يستوفي ما كُوتِبَ عليه، كأن يُكاتَب مثلاً على مئة ألفٍ، فيُقال: تعمل وتكتسب وتبذل في كل شهرٍ كذا، فإذا أدَّى ذلك المبلغ يكون حرًّا.
وقد جاء هذا الرجل إلى عليٍّ رضي الله عنه، وذكر أنَّه قد عجز عن مُكاتبته، وعجز عن أداء هذا المال، فهو يُريد الإعانة بالمال، أو ربما يستشيره، أو نحو ذلك، فقد يكون ذلك في أيام خلافة عليٍّ، ليرد عليه عليّ رضي الله عنه بقوله: «ألا أُعلِّمك كلمات علَّمنيهنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، لو كان عليك مثل جبل صبيرٍ..؟»، هكذا ضبطه: «صبير»، وبعضهم قال: «صير»، وجبل صيرٍ يقولون: هو جبلٌ لطيِّئٍ، أما جبل «صبيرٍ» فيقولون: إنَّه جبلٌ في اليمن كبيرٌ جدًا، واسمه الآن «صَبِر».
وبهذه الكلمات اليسيرة التي يستطيع كل أحد أن يحفظها أوصى علي رضي الله عنه المكاتب أن يرددها، فقال له: «قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك».