ببساطتها المعهودة بين الطلبة وعطائها الذي لا ينضب، وقفت الدكتورة سلمى عبد المنعم، أستاذ اللغة والأدب العبري بكلية الآداب جامعة سوهاج، تكوي أرواب الخريجين والخريجات استعدادًا لحفل التخرج الذي يقيمه مركز نور البصيرة لذوي الهمم بجامعة سوهاج كعادته السنوية بنهاية كل عام، في مشهد خطفت به القلوب والأنظار.
الدكتورة سلمى تكوي 35 روبًا للخريجين والخريجات
عماد الصوينع الدكتور بكلية الآثار وزوج الدكتورة سلمى، يروي لـ«» كواليس الصورة التي نشرها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، احتفاءً بزوجته التي وقفت تكوي أرواب الطلبة الخريجين والخريجات بمفردها دون الاستعانة بأحد، بعد أن أبلغها زوجها بأنّهم يواجهوا مشكلة في كيّ الأراوب التي بلغ عددها 35 روبًا.
افتقد «الصوينع» مستشار رئيس الجامعة لشؤون ذوي الإعاقة ومدير المركز، المساعدة الخارجية والتطوعية في هذا اليوم الذي يُقام في هذا الوقت من كل عام للطلبة من ذوي الإعاقة، خاصة وأنّ الخدمات التي تقدم داخل المركز هي مجانية تمامًا والجهود المبذولة ذاتية وتطوعية للطلبة: «احنا معندناش حد يساعدنا، ولما بلغت زوجتي الدكتورة سلمى قالت لي أنا هاخد المكواة وربنا يساعدني وإن شاء الله هكويهم أنا، قولت لها احنا ممكن نوديهم برة نكويهم قالت لي لأ أنا كده هاخد الثواب أكتر».
استعانت الدكتورة سلمى بالمكواة الخاصة بها، واصطحبتها إلى المركز، وبدأت في كيّ الأرواب واحدًا تلو الآخر، وفي أثناء الانهماك في العمل؛ مرّ بها الزوج الذي لاقى المشهد استحسانه وخطف قلبه: «وأنا معدي عجبني المنظر وهي بتكوي، وكان جوايا إحساس الواحد لما يُعجب بزوجته لما بتعمل حاجة حلوة وماشية معاه على نفس الخط، لأنّ كان ممكن زوجتي ترفض لكنّها ربنا وفقنا أنّها بتحب تعمل الخير، فـ صورتها ونشرت الصورة على صفحتي عشان نفسي تبقى قدوة والناس كلها تعمل زيها».
ولم يقف الحد عند مجرد كيّ أرواب الخريجين، بل حرصت أستاذ اللغة والأدب العبري بجامعة سوهاج في تلبيس الأرواب للخريجين بعد الانتهاء من كيّها بالإضافة إلى وضع الدبابيس والوشاح والكابات حتى يكتمل المشهد: «هي اللي جابت الدبابيس وكانت حريصة أنّها تثبت الكابات للخريجين وتظبط لهم الأرواب، لأننا بنتعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة كأنّهم ولادنا وبناتنا».
أجواء إنسانية تعم مركز نور البصيرة
وتقول الدكتورة سلمى عبدالمنعم، إنّ المركز كل عام يضم قائمة من المتطوعين في حفل تخرج الطلاب، الذين افتقدوا لوجودهم هذا العام نظرًا لضيق الوقت الذي أقيم به الحفل، ما دفعها إلى التفكير في كيّ الأرواب بمفردها دون تفكير: «دول ولادي مينفعش أسيبهم، واحنا بالنسبة لهم الأب والأم وهو ولادنا، وكان نفسي يطلعوا في أحسن صورة».
لم يخطر ببال الدكتورة سلمى أن تستعين بكيّ هذه الأرواب في الخارج بل حرصت على الفوز بالثواب: «احنا في الأول فعلًا فكّرنا نبعتهم برة بس كان نفسنا احنا ناخد الثواب، وبعدين قولت لأ محدش هيكويهم زي ما أنا عايزة ولا هيطلعوا بالصورة اللي أنا عايزاها»
الدكتور عماد الصوينع وزوجته دائمًا ما يحرصا على مساعدة الطلبة من ذوي الإعاقة داخل المركز، ويمدا لهم يد العون والمساعدة، تقول أستاذ اللغة والأدب العبري بجامعة سوهاج: «دكتور عماد بيساعد الطلبة المكفوفين أثناء الامتحانات وبيعملهم الشاي وهم بيمتحنوا، وساعات يمسك المكنسة ويكنس غرف المركز، وده اللي احنا متعودين عليه دايمًا أن العلاقة بينا تبقى طيبة».