لم تتمالك سعادتها عندما علمت بخبر حملها بعد تعرضها لمشاكل عاقت دون تحقيقها حلم الأمومة، لتبدأ رحلتها بالعناية بحملها والمواظبة على علاج صعب وقاس من حقن يومي بالبطن للحفاظ على سيولة الدم حفاظا على الجنين المنتظر، غير أنه استوقفها نظرات متوترة من الأطباء، رفضوا ذكر سببها وهي في الشهر الثامن، مؤكدين لها أن كل شئ سيكون علة ما يرام.
وبولادة مبكرة اكتملت سعادة لقاء ايهاب، باحتضان ابنها الأول بعد شهور من الشوق، لتسعد فيهم بابنها على مدار 20 يوما، لم تكن تعلم فيهم أن أختها التي كانت قرأت عن أصحاب متلازمة داون خلال موضوع قامت بترجمته في كلية الألسن، جعلها من اليوم الأول تحاول مع والدتها ووالدها التأكد من حقيقة إصابة الطفل أدم بالمتلازمة، وبزيارات متكررة من الأطباء تأكد الأهل من إصابة الطفل بمتلازمة داون، واخفوا الأمر عن والدته خوفًا على حالتها الصحية، لتعرف الخبر صدفة خلال مكالمة هاتفية من أحد أقاربهم قررت مواساتها عبر الهاتف.
لحظات من الصدمة تبعها أسابيع من الانهيار لم تتمكن الأم من تجاوزها بسهولة، خاصة بعد تعرضها للعديد من المضايقات من الأقارب والغرباء، عاتبت أهلها لإخفائهم الأمر عنها، رغم علمها أنه كان بدافع من الحب والخوف على صحتها، وتروي لقاء بصوت مخنوق باكي، «أنا مكنتش خايفة أن ابني مصاب بمتلازمة داون، كنت خايفة عليه من المجتمع المحيط».
وعن أصعب المواقف التي تعرضت لها وسببت لها كثير من الألم، هي نظرة الأقارب والغرباء لابنها، وما تسمعه من عبارات تعزية مثل أن ابنها عطية من الله وسيكون سببا في إدخالها الجنة، بالإضافة إلى محاولاتها المتكررة في توضيح أنها وزوجها ليسا أقارب وإن إصابة ابنها بالمتلازمة غير وراثي.
بدأت الأم وبدعم مادي ومعنوي من والديها وأختها رحلة الفهم والعلاج لرضيعها الصغير، فتركت عملها لرعاية صغيرها، الذي واجه عدة مشاكل صحية كحساسية اللبن وعدم ظهور الأسنان حتى عمر العامين والنصف، إضافة الى عدم تمكنه من المشي والجلوس نتيجة ضعف العظام، وخلال توجهها إلى مراكز العلاج الطبيعي، وجدت الرعاية الطبية للأطفال ينقصها العطف والحنان، فكان لكل طفل وقت محدد لابد وأن يقضيه في العلاج حتى إذا كان في حالة من البكاء دون محاولة تهدئته بسبب الزحام، وهو ما عرض الاطفال إلى الانهيار وعدم القدرة على التنفس بصورة صحيحة في بعض الأحيان بعد الجلسات، لتتخذ قرارا بتعلم العلاج الطبيعي من خلال الفيديوهات على الإنترنت، وقيامها بنفسها بإجراء جلسات العلاج الطبيعي لوليدها بالمنزل، وبالفعل نجحت في تطويره الحركي وتعليمه المشي، حتى الحقته بدورات تدريبية في مجال السباحة.
وعن عمل أدم أو «دومي» كما يطلق عليه رواد التواصل الاجتماعي، 4 سنوات كموديل، تقول الأم إنها لاحظت حب ابنها للتصوير منذ نعومة أظافره، وهو ما دفعها للتفكير في كيفية تنمية هذا الأمر لديه واسعاده في نفس الوقت، فقررت أن تصور له أكثر من «سيشن» لتفاجئ بتزايد حبه للتصوير، بوقفته وبأدائه لفت نظر المصورين، وخطف قلبهم بحرصه على مشاهدة صوره فور التقاطها، لينطلق «دومي» في رحلته، ويطلب لتصوير عدد من السيشن الخاصة بالملابس وعروض الأزياء والاحتفالات.
وتضيف الأم أن نجاح ابنها كـ«موديل» غير نظرة المحيطين به له، وبدوا فخورين بما يحققه، لذا حرصت على مشاركة قصتها مع الأمهات الجدد للأطفال من متلازمة داون، ومساعدتهم على تخطي الصعوبات الطبية والنفسية لهم ولأطفالهن، وتقديم الدعم لهم كما دعمتها أسرتها.