لقاء يجمع بين الكاتب يحيي حقي والشاعر صلاح جاهين
يحيى حقي يعد من أهم مثقفي وأدباء القرن الماضي في مصر والعربي أيضًا، وذلك بأعماله التي ساعدت على تطوير الثقافة العربية بالكثير من روائعه في مجال القصص القصيرة والروايات، فكثير من أعماله الأدبية تحولت إلى أعمال سينمائية وأعمال أخرى درامية في التليفزيون، فهذا ساعدته في التقرب للجمهور العادي، فمن أشهر أعماله الفنية التي تحولت لأفلام بالسينما فيلم «امرأة ورجل»، ومن أشهر أعماله الدرامية مسلسل «البوسطجي».
ولد يحيى حقي في يناير لعام 1905، بحي السيدة زينب في القاهرة، التحق بالكتاب في بداية رحلته التعليمية، ثم مدرسة أم عباس بالسيدة زينب والمدرسة السعيدية الخديوية، حتى حصل على البكالوريا في 1921 وبعدها ألتحق بمدرسة الحقوق في جامعة الملك فؤاد الأول، وعمل بعد تخرجه بنيابة الخليفة، وتطرق لممارسة المحاماة، ليمر بعديد من الوظائف والمناصب حتى أصبح مديرًا لمكتب وزير الخارجية، ثم وزير مفوض في ليبيا، وكتب العديد من الروايات والمجموعات منها قنديل أم هاشم والبوسطجي ودمعة وابتسامة وفكرة وابتسامة وعنتر وجوليت.
يحيى حقي و«الرباعيات»
وتستعرض «» مقتطفات من رباعيات صلاح جاهين في ذكرى وفاة الكاتب يحيى حقي تضمن أبرز ما قدمه في مجال النقد الأدبي.
يقول في مقدمته: «الرباعيات هي أحب قوالب الشعر لدي لأنها تعين على نفي الفضول وعلى التحرر من أسر القافية، فتجئ كل رباعية بمثابة الومضة المتألقة، قيمته في إختصاره إلى قلبه وصقله لا في كبر حجمه».
ويضيف «حقي» أسارع هنا لاستشهد برباعية في هذا الديوان الصغير الحجم القوي الأثر كأنه قنبلة يدوية الذي أخرجه سنة 1963 الفنان الشاعر صلاح جاهين باللغة العامية والذي يسعدني أن أقدمه للقراء، الرباعية تقول :
مرحب ربيع مرحب ربيع مرحب
ياطفل ياللي في دمي وناغي وحب
علشان عيونك يا صغير هويت
حتى ديدان الأرض والأغربة
عجبي..
كلمة هويت هنا في البيت الثالث خادعة، يخيل لك أن جاهين يحب الزهور والقمر، لكنه يفاجئك بعد الارتفاع بهبوط من أعلى، فاذا هو يحب كذلك ديدان الأرض. والضوابط التي ذكرتها ليست مانعة، ليس في بالفن قيود كالحديد، غلبة الأمر أنني أفضل القالب الذي وضعته على غيره، لذلك ينبغي لك ألا تأخذ في رباعيات صلاح جاهين كل سؤال على أنه ينتهي بعلامة استفهام، فمن الممكن ينتهي بعلامة تعجب، لكنها في الغالب تشبه علامة الاستفهام، ومن أمثله علامة التعجب المختفية مثل علامة الاستفهام.
وأنا في الظلام من غير شعاع يهتكه
أقف مكاني بخوف لا أتركه
ولا ييجي النور وشوف الدروب
أحتار زيادة: أيهم اسلكه؟
عجبي..
فليس هذا الاستفهام يحتاج إلى جواب، لا معنى لكي تقول له خد جوابك «خذ هذا الدرب اليمين»، أو «هذا الدرب الشمال»، أما في سؤال: «الأصل هو الموت ولا الحياة؟»، فإنه قطعًا يحتاج إلى جواب ولو بقولك: «لا أدري».