أحداث كثيرة ومختلفة شهدها ميلاد السيد المسيح قبل أكثر من ألفين عام، كان أبرزها ميلاده في مزود البقر وقدوم المجوس له ليقدموا هداياهم التي كانت ذهبًا ولبانًا، لذا وتزامنًا مع استقبال المسيحيون الأرثوذكس لاحتفالات عيد الميلاد المجيد، الذي يوافق 7 يناير و29 كيهك من كل عام، يمكن الإشارة إلى سر تقديم هذه الهدايا للمسيح ودلالاتها الروحية.
قوم المجوس إلى السيد المسيح
وعن الهدايا الي قدمها المجوس لـ السيد المسيح وقت ميلاده، فذكر إنجيل متى الإصحاح الثاني في الآيات (9 – 10 11) التي تحدثت عن المجوس: «فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا».
ولأن الهدية يجب أن تكون بقدر مَن تُقدَم إليه؛ فقد حرص المجوس عند زيارتهم للطفل يسوع المسيح وقت ميلاده على تقديم هدايا الذهب واللبان والمُر، والتي كانت وقتها هدايا غالية الثمن وعالية القيمة جدًا، ولا تُقدَم إلا للملوك، بحسب توضيح ماركو الأمين، باحث في التاريخ القبطي، خلال حديثه لـ«»، الذي أوضح أن المجوس عند ذهابهم إلى الطفل يسوع بعد ما رأوا النجم، كانوا يؤمنون أنه شخصٌ فريد ومميز وذو شأن عالٍ؛ لذا أتوا بأفضل ما لديهم.
تقديم ذهبًا ولبانًا ومُرًا للملوك
وكان من عادات أهل المشرق، تقديم مثل هذه الهدايا للملوك والأمراء في المناسبات السعيدة؛ إذ يشير الذهب إلى احترام الملك وتقديره وعلو شأنه، بينما اللبان كان يدخل ضمن البخور المستخدم فى العبادة لدى الديانات الشرقية، وأيضًا المُر هو أحد الحبوب العطرية ذات الرائحة الفواحة والمميزة، ولذلك كانت تُقدم للملوك والأمراء فقط.
وبحسب ما أوضحه القس ثيؤفان شاكر، كاهن كنيسة مار جرجس بالعجوزة، خلال حديثه لـ«»، فإن المجوس هم جماعة اهتموا بدراسة علم الفلك وما يتعلق به، واعتمدوا عليه في معرفة بعض الأحداث، وأن ظهور نجم معين بالنسبة لهم كان يشير إلى ولادة شخص فريد ومميز، ولذلك أتوا إليه حاملين هداياهم: «كان عندهم في الكتب بتاعتهم إن النجم الغريب اللي هيظهر ده بيدل على حدث فريد وميلاد ملك مميز ومختلف».
الدلالات الروحية لهدايا الذهب واللبان والمُر
وأضاف «شاكر» أن هذه الهدايا التي قدمها المجوس للسيد المسيح لها دلالات روحية؛ فالذهب يشير إلى المسيح كملك سماوي يملك على القلوب ويخلصها من عبودية الخطية، واللبان يشير إلى كهنوت السيد المسيح، تطبيقًا للنبوة التي تقول «تكون كاهنًا على طقس ملكي صادق»؛ إذ أنه يُستخدم في البخور، بينما يشير المُر إلى العذاب الذي سيتجرعه السيد المسيح على أيدي اليهود والرومان خلال إتمامه لعملية الفداء التي تجسَّد من أجلها