| «راضي» يتحدى البطالة بغسيل السجاد وتنظيف المطابخ: «عشان ممدش إيدي لحد»

رغبته وإصراره في تحدي شبح البطالة، وتحصيل مورد دخل ثابت، لم يأت من فراغ أو على طبق من ذهب، بل إيمانه بما قسمه الله، والرضا الذي يستحوذ قلبه، جعله يواجه الصعوبات والتحديات، ويمتهن عمل شاق يتطلب منه التحلي بقوة العزيمة والإرادة والتحمل لضمان الاستمرارية. 

راضي مسعد، 47 عامًا، لم يقف على مكاتب الشؤون الاجتماعية أو طوابير البطالة، من أجل انتظار دوره في الحصول على معاش أو وظيفة، كما لم يجلس مثل باقي العاطلين داخل المقاهي يندب حظه، ليعلق حياته على البطالة، ولكنه يقرر بأدوات بسيطة «فرشاة وجردل، وبعض المساحيق»، ليبدأ قصة كفاح يوفر من خلالها دخل يومي يسد به احتياجات أسرته، ومتطلباتهم.

«غسيل السجاد».. مهنة «راضي» الذي بدأها منذ أكثر من 20 عاما، إلى أن طور من نفسه على مدار سنوات طويلة، حتى أصبح تحت الطلب، حسبما حكى لـ«»، مضيفا: « لما طلبت مني واحدة اسمها الحاجة سعاد أغسل السجادة بتاعتها، وأولادها قالولي اعمل كذا وعلموني الطريقة، وشربت الصنعة وكنت كل فترة أطور من نفسي، ممكن الناس تفتكر إن الشغلانة سهلة، لأ دي بتاخد مجهود، وعايزة صحة كويسة».

يجد «راضي» عالمه في غسيل السجاد

يجد «راضي» في مهنة غسيل السجاد عالمه، إذ يشعر بوجوده عندما يتصل به أحد الزبائن يطلب مساعدته لغسيل سجاد المنزل من أماكن بعيدة، قائلا: «أنا عايش في المرج بمحافظة القاهرة، بروح للناس في حلوان ومنطقة الزيتون وأماكن تانية بعيدة، وبستخدم في تنظيف السجاد مسحوق عالي الجودة وقوي وكميته وفيرة وبسعر مناسب، وبشتري فرش من أغلى الأنواع»، مشيرًا إلى أنه كان يعمل في السابق عامل محارة، وعندما قل الشغل قرر أن يبحث عن مهنة أخرى فاستقر على غسيل السجاد.

ابنه ساعده في البداية ثم رفض الاستمرار 

يمتلك «راضي» شهادة محو الأمية، ويثق في قدرته على تنظيف السجاد بطريقة يتحدى بها أي مغسلة سجاد تستخدم الماكينات في الغسيل، بحسب قوله، مؤكدًا أن أحد أبنائه الاثنين ساعده في هذه المهنة وهو «جمال»، لكنه لا يفضل أن تكون مهنته الأساسية في المستقبل، فلديه أحلام وطموحات خاصة به، ويتطلع لتحقيقها، فهو يعاون والده من باب التخفيف عنه، حسب كلام «راضي».

«راضي» ضد السلف والدين

لا يطمع «راضي» في الكثير، فهو يرى أن الرزق القليل المليء بالبركة يكفيه ويمنعه من السلف والدين: «بعمل السجادة بـ 30 جنيه أو 35 جنيه حسب الزبون، ممكن أعمل 5 سجاجيد والزبون يديني 180 جنيه أو 200 جنيه، على حسب شغل الواحد الناس بتقدر، وساعات ناس بتديني 20 جنيه مواصلات لو باجي من منطقة بعيدة».

يحلم «راضي» بامتلاك مغسلة، لكنه يدرك جيدا أنه مشروع في غاية الصعوبة، لأنه لا يملك المال الكافي لتحقيق هذا الحلم، فأقل إيجار يتطلب 2000 جنيه، وهو لا يتناسب مع ظروفه حاليا، فهو يحصل على 35 جنيها من غسيل السجادة، ومع ذلك ففي بعض الأوقات، يرفض البعض دفع هذا المبلغ، بسبب ظروفهم المعيشية: «ذروة العمل بالنسبة لي قبل المناسبات والأعياد، وفي الأيام العادية لما ملاقيش شغل بضطر أنظف المطابخ والحمامات».